علماء الصوفية من العهد النبوي حتى القرن السادس الهجري

بقلم ناصر العترة د.محمد لطفي الحسني ( شيخ الطريقة القادرية البريفكانية في مصر )

التصوف بمعناه الروحي الإسلامي، نشأ من الاهتمام بتزكية النفس والتعبد، وغايته تحقيق الإحسان والتحقق بمعاني الإيمان العميق. وتطور علم التصوف عبر القرون، وكان له أعلام ظهروا في كل عصر.

وفي هذا المقال نستعرض طبقات علماء الصوفية منذ العهد النبوي حتى نهاية القرن السادس الهجري، مع ذكر أشهر أعلام كل طبقة حسب التسلسل الزمني والقرون الهجرية، وأهم آثارهم في التصوف.

النواة في العهد النبوي وعصر الصحابة (القرن الأول الهجري):

لم يظهر التصوف كمصطلح في العصر النبوي، لكن وُجدَت روحه في مجموعة من الصحابة والتابعين الذين امتازوا بالزهد والعبادة وكثرة الذكر والانقطاع إلى الله، أبرزهم:
– أهل الصُّفّة: جماعة من الصحابة فقراء لزموا المسجد للتفرغ للعبادة (انظر: السيوطي، “تاريخ الخلفاء”، ص13، ط. دار الكتب العلمية).
– أبو الدرداء الأنصاري (ت 32 هـ): ضُرب به المثل في الزهد، وروي عنه الكثير من الحكم في التزكية.
– أويس القرني (ت نحو 37 هـ): مضرب المثل في العبادة والإخلاص بين الصحابة والتابعين (انظر: أبو نعيم، “حلية الأولياء”، ج2، ص78).
– الحسن البصري (ت 110 هـ): زعيم الزهاد في البصرة وأول من وضع أسس التزكية (أبو نعيم، “حلية الأولياء”، ج2، ص131).
– إبراهيم بن أدهم (ت 161 هـ): زاهد عظيم في خراسان والعراق (السلمي، “طبقات الصوفية”، ص21).
– رابعة العدوية (ت 185 هـ): من أوائل من تكلم عن محبة الله بلا رغبة في الجنة أو رهبة من النار (أبو نعيم، “الحلية”، ج8، ص305).
– سفيان الثوري (ت 161 هـ): جمع بين العلم والزهد.
3. القرن الثالث الهجري: النضج والتنظير والتصنيف في التصوف
برز التصوف كعلم ذي موضوعات محددة ومصطلحات واضحة، وظهرت المؤلفات الصوفية الأولى.
– معروف الكرخي (ت 200 هـ): أصل مدرسة التصوف في بغداد (أبو نعيم، “الحلية”، ج8، ص343).
– الفضيل بن عياض (ت 187 هـ): زهد وورع وحكمة (أبو نعيم، “الحلية”، ج8، ص87).
– ذو النون المصري (ت 245 هـ): أول من تحدث عن “المقامات والأحوال”، وصنّف من الصوفية العارفين وقيل أنه أول من استعمل لفظ “الصوفي” (السلمي، “طبقات الصوفية”، ص109).
– الحارث المحاسبي (ت 243 هـ): رائد التصوف العلمي، ألّف كتبًا في مراقبة النفس، منها “الرعاية لحقوق الله”.
– السري السقطي (ت 251 هـ): شيخ الطائفة في بغداد، ومعلم الجنيد (السلمي، “طبقات الصوفية”، ص132).
– بشر الحافي (ت 227 هـ): من رواد الورع والتقوى.
– الجنيد البغدادي (ت 297 هـ): شيخ الطائفة وإمام مدرسة التصوف السني (السلمي، “طبقات الصوفية”، ص169؛ الذهبي، “سير أعلام النبلاء”، ج13، ص264).
– أبو يزيد البسطامي (ت 261 هـ): عُرف بلطائفه في مقامات الفناء والبقاء (أبو نعيم، “الحلية”، ج10، ص38).
– الشبلي (ت 334 هـ): أبرز أعلام السلوك والوجد في بغداد (السلمي، “طبقات الصوفية”، ص216).
– النوري (ت 295 هـ): من أذكياء بغداد في العلم بالتصوف وذو مكانة بين المريدين.
– أبو القاسم القشيري (ت 465 هـ): صاحب “الرسالة القشيرية” في علم التصوف، وهو مرجع أساسي للطرق وأصولها (القشيري، “الرسالة القشيرية”، ص9-14).
– عبد الكريم القشيري (ابنه، ت 514 هـ): تابع منهج والده في التأليف.
– أبو طالب المكي (ت 386 هـ): صاحب “قوت القلوب” من أوائل الكتب الموسوعية في التصوف.
– أبو عبد الرحمن السلمي (ت 412 هـ): جمع سير الصوفية في “طبقات الصوفية” و”الحقائق”.
– الشيخ عبد القادر الجيلاني (ت 561 هـ): مؤسس الطريقة القادرية، إمام في الشريعة والحقيقة (الصفدي، “الوافي بالوفيات”، ج18، ص76؛ السلمي، “طبقات الصوفية”، ص388).
– أبو الحسن الشاذلي (ت 656 هـ): أسس الطريقة الشاذلية وانتشر تأثيره في المغرب والمشرق (السلمي، “طبقات الصوفية”، ص482).
– أحمد الرفاعي (ت 578 هـ): مؤسس الطريقة الرفاعية، أسهم في التربية الروحية العامة.
– عبد القادر الجيلاني (ت 561 هـ): مرجعية رحبة في التصوف السنّي، انتشرت طريقته في العراق والعالم الإسلامي.
– عمر السهروردي (ت 632 هـ): مؤسس الطريقة السهروردية، له “عوارف المعارف” في التصوف السني.

يتضح من تقسيم طبقات الصوفية أن التصوف ليس طارئًا على الإسلام، بل هو امتداد لجذور الإحسان النبوي، وتراكم تجارب الروح وعلومها عبر القرون. وسيظل تراث التصوف الإسلامي مصدر إشعاع تربوي وأخلاقي عميق للمسلمين عبر العصور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *