التَّوْبَةُ بِمَعْنَى الأَوبَةِ
4 أبريل، 2025
منبر الدعاة

إعداد فضيلة الشيخ : السيد محمد السيد البلبوشى ( إمام وخطيب بوزارة غرب الإسكندرية )
قَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعَاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
( تَقْرِيرٌ ) شُرُوطُ التَّوْبَةِ عِنْدَ الجَمَاعَةِ بِالإِجْمَاعِ ، دُونَ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالاِبْتِدَاعِ ، النَّدَمُ عَلَى مَا فَعَلَهُ العَبْدُ مِنَ المُخَالَفَاتِ ، والإِقْلَاعُ فِى الوَقْتِ فَوْرَاً بِلَا تَأَنٍّ وَلَا التِفَاتِ ، وَالعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ لِفِعْلِهِ فِيمَا يَسْتَقْبِلُهُ مِنَ الأَوْقَاتِ ، وَرَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنَ الأَعْرَاضِ ، وَالاسْتِحْلَالُ مِنَ الوُقُوعِ فِى الأَعْرَاضِ .
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكَ أَنْ تَرْكَبَ مَطِيَّةَ المَعْصِيَةِ العَرْجَاءِ ، فَتَنْقَطِعُ فِى مَسَافَةِ الطَّرِيقِ العَوْجَاءِ ، بَلْ سَابِقْ بِالسَّيْرِ القَوِيمِ عَلَى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ .
( تَقْريرٌ ) إِنَّمَا أَمَرَكَ بِالتَّوْبَةِ لِيُطَهِّرَكَ مِنَ التَّدْنِيسِ وَيَكْسُوكَ أَوْصَافَ التَّقْدِيسِ ، فَانْفِ مِنْ أَوْصَافِكَ اللَّئِيمَةِ الذَّمِيمَةِ ، وَتَخَلَّقْ بِأَوْصَافِهِ الحَمِيدَةِ المَجِيدَةِ الكَرِيمَةِ .
قَدْ رَشَّحُوكَ لِأَمْرٍ لَوْ فَطِنْتَ لَهُ فَارْبَأْ بِنَفْسِكَ أَنْ تَرْعَى مَعَ الهَمَلِ
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكَ وَتَرْكَ التَّوْبَةِ ، فَعَلاَمَةُ الفَلاَحِ ،اتِّبَاعُ طَرِيقِ النَّجَاحِ .
( تَقْريرٌ ) مَنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ التَّوْبَةُ حَقِيقَةً ، لَمْ يَتَطَهَّرْ عِنْدَ أَصْحَابِ الطَّرِيقَةِ ، فَتَطَهّرُ وَكْنِ مِنَ التَّائِبِينَ ، يَخْلَعْ عَلَيْكَ خِلَعَهُ ﴿ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ ﴾.
( تَحْذِيرٌ ) اِيَّاكَ أَنْ تَبْنِىَ قَلْعَةَ الأَعْمَالِ عَلَى غَيْرِ أَسَاسٍ التَّوْبَةِ وَالاِسْتِغْفَارِ ، فَتَكُونَ كَمَنْ بَنَى عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ .
( تَقْريرٌ ) تَوْبَةُ العَوَامِّ مِنَ الذَّلَّاتِ ، وَتَوْبَةُ الخَوَاصِّ مِنْ العَادَاتِ ، وَتَوْبَةُ خَوَاصِّ الخَوَاصِّ مِنَ السِّوَى وَالأَغْيَارِ ، وَالرُّكُونِ إِلَى المَقَامَاتِ وَالأَنْوَارِ .
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكَ أَنْ تَأْمَنَ مَعَ التَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ وَإِنْ أَتَتْكَ بَشَائِرُ القَبُولِ ، فَإِنَّهُ تَعَالَى :﴿ لاَيُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ﴾ وَأَنْتَ المَسْئُولُ .
( تَقْريرٌ ) التَّوْبَةُ فِعْلُهَا لَا يُسْعِدُ ، وَتَرْكُهَا لَا يُشْقِى ، وَإِنَّمَا جُعِلَتْ لَكَ وِقَايَةً تَقِى .
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكَ أَنْ تَتُوبَ فِى الظَّاهِرِ وَأَنْتَ مُصِرُّ عَلَى قَبَائِحِكَ فِى البَاطِنِ ، فَتَكُونُ كَالمُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَنِعُوا بِرِضَا المَخْلُوقِينَ ، وَأَسْخَطُوا عَلَيْهِمْ رَبَّ العَالَمِينَ .
( تَقْريرٌ ) إِنَّمَا هَيَّجَ عَزْمَ القَوْمِ عَلَى الإِقْلَاعِ ، اسْتِحْضَارُهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ سُوءِ الطِّبَاعِ .
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكِ أَنْ تَغْتَرَّ بِوَعْدِ الأَمَانِىِّ وَالتَّسْوِيفِ ، فَتُحْرَمَ نَيْلَ القُرْبِ فِى المَقَامِ المُنِيفِ .
(تَقْريرٌ ) مَنْ أَشْهَدُهُ الحَقُّ كُسُوفَ الذُّنُوبِ هَجَرَهَا .
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكَ أَنْ تَقَعَ فِى أَسْرِ المُخَالَفَاتِ ، فَتَتَّسِمَ بِسِمَةِ القَاذُورَاتِ وَتُهْتَكَ وَلَا تُسْتَرَ فِى القَبَائِحِ وَتُنَفِّرَ عَنْكَ النَّاسَ مِنْ نَتْنِ الرَّوَائِحِ .
( تَقْريرٌ ) شَرْطُ القَوْمِ فِى التَّوْبَةِ الهِجْرَانُ لإِخْوَانِ المَعَاصِى فَاهْجُرْ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَخْلَاقِكَ ، فَهُوَ أَرْضَى لِخَالِقِكَ .
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكَ وَالعَوْدَ لِمَوَاطِنِ الهَجْرِ ، وَمَوَاقِعِ الهِجْرَانِ ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَعُودُ لَكَ فِى الآنِ .
( تَقْريرٌ ) مَنْ دَامَ فِى التَّوْبَةِ عَلَى مُقْتَضَى الحَزْمِ وَالعَزْمِ فَهُوَ الصَّادِقُ الصِّدِّيقُ ، البَالِغُ بِسَيْرِهِ مَقَاصِدَ الطَّرِيقِ .
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكَ وَالفَتْرَةَ وَالْكَسَلَ ، فَإِنَّهُمَا مِنْ دَوَاعِى المَلَلِ ، إِخْوَةُ اللُّؤْمِ مَنْ صَحِبَهُم وَقَفَ بِهِ السَّيْرُ عَنْ كُلِّ مَا يَرُومُهُ مِنْ كُلِّ رِبْحٍ وَخَيْرٍ .
( تَقْريرٌ ) لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ فَضِيلَةِ التَّوْبَةِ إِلَّا أَنَّهَا تُنَجِّى صَاحِبِهَا مِنْ مَهَامِهِ المَهَالِكِ ، وَتُقَرِّبُهُ بَعْدَ بُعْدِهِ مِنَ الرَّبِّ المَالِكِ ، وَإلّا لَكَانَ مِنَ الهَالِكِينَ ، بِبُعْدِهِ عَنْ رَبِّ العَالَمِينَ
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكَ وَمَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ ، كَفَى البَرِئَ طِيبُ الثَّناءِ ، قُرَّةُ العَيْنِ بِالطُّمَأْنِينَةِ وَالهَنَاءِ ، أَمَا يَكْفِى العَاقِلَ مِنَ التَّنْفِيرِ مَا يُتْلَى عَلَيْهِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّقْرِيرِ .
( تَقْريرٌ ) شَتَّانَ بَيْنَ تَوْبَةِ مُحِبِّ مُشْتَاقٍ ، وَبَيْنَ مَنْ تَابَ لِلْخَوفِ وَالإِشْفَاقِ ، الأَوَّلُ هَاجَهُ الشَّوْقُ لِشُهُودِ الجَمَالِ ، وَالثَّانِى حَذَّرَهُ الخَوْفُ سَطْوَةَ الجَلاَلِ .
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكَ أَيُّهَا النَّجِيبُ ، الحَاذِقُ اللَّبِيبُ ، أَنْ تَجْعَلَ تَوْبَتَكَ سَبَبَاً لِحُصُولِ مُنَاكَ ، بَلْ اجْعَلْهَا عُبُودِيَّةً لِمَوْلَاكَ فَتَكُونَ مِنَ الخَوَاصِّ ، أَرْبَابِ التَّحَقُّقِ وَالإِخْلَاصِ .
( تَقْريرٌ ) كَانَ بَعْضُهُمْ لَا يَسْأَلُ التَّوْبَةَ ، وَلَكِن يَسْأَلُ شَهْوَةَ التَّوْبَةِ ، لِيَجِدَ بَاعِثَ العَزْمِ ، وَذَلِكَ أَوْلَى وَأَحَقُّ بِالحَزْمِ .
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكَ أَنْ تَزْعُمَ أَنَّهُ حَصَلَ لَكَ مَقَامُ التَّوْبَةِ ، وَأَنْتَ بَاقٍ عَلَى شَهَوَاتِكَ ، مُسْتَغْرِقُ الأَوْقَاتِ فِى عَادَاتِكَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ، لِوِجْدَانِ العَزْمِ عَلَامَاتٌ .
( تَقْريرٌ ) مَقَامُ التَّوْبَةِ لَمْ يُخْرِجْ صَاحِبَهُ عَنِ البِدَايَةِ ، لِذَلِكَ شُغِلَ بِتَعَبِ المُجَاهَدَةِ ، وَالنِّهَايَةُ لَذَّةٌ بِأَنْوَاعِ المُشَاهَدَةِ ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : ” البِدَايَةُ إِمَاطَةُ طَبْعٍ وَتَطْهِيرٌ، وَالنِّهَايَةُ مَلَكَةُ كَمَالُ تَنْوِيرِ” ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : ” البِدَايَةُ تَخَلِّى ثُمَّ تَحَلِّى ، وَالنِّهَايَةُ اِسْتِعْدَادٌ لِنُورِ التَّجَلِّى ” ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : “البِدَايَةُ بُعْدٌ عَنِ الأَوْصَافِ الذَّمِيمَةِ وَهَرَبٌ عَنِ الأَخْلَاقِ اللَّئِيمَةِ “، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : ” البِدَايَةُ مِلءُ الإِنَا بِأَنَا ، وَالنِّهَايَةُ تُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْتَ وَأَنَا” ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: ” البِدَايَةُ تَخَلِّ عَنِ الأَنَامِ ، بَلْ تَحَلِّ بِالأَخْلَاقِ الكِرَامِ ثُمَّ اسْتِعْدَادٌ بِتَجَلِّى الصَّمَدِ العَلَّامِ ” ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: ” البِدايَةُ مِنْهَا تُعْلَمُ النِهَايَةَ ، فَرَاسَةٌ دُونَ كَشْفٍ عِبَادَةٌ ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالعَادَةِ “، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : ” إِذَا ثَبَتَ أَسَاسُ البِدَايَةِ عَلَى القَوَاعِدِ ، وَجَدَ صَاحِبَهُ فِى النِّهَايَةِ مَا يَرُومُ مِنَ المَقَاصِدِ وَالفَوَائِدِ “.
( تَحْذِيرٌ ) إِيَّاكَ أَنْ تَبْنِىَ طَرِيقَكَ عَلَى غَيْرِ أَسَاسِ التَّقْوَى فَتَكُونَ مِنْ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالأَهْوَا ، بَلْ خَذْ بِالأَحْوَطِ لِنَفْسِكَ ، لِكَىْ تَجِدَ المُنَى وَالهَنَا فِى رَمْسِكَ .
من ديوان أهل الذكر لسيدي برهان الدين أبو الإخلاص