بين دار الإفتاء ومعهد الفلك

بقلم فضيلة الشيخ : أبو بكر الجندي

أعلن معهد البحوث الفلكية أن موعد عيد الفطر 1446هـ يوم الأحد، بينما أعلنت دار الإفتاء المصرية أن عيد الفطر يوم الاثنين وبين الإعلانيين حدثت ردة فعل كلامية بين مؤيد ومعارض، بين فرحان بطول رمضان وبين حزين على تأخر العيد، بين ساخر وضاحك فينبغي التنبيه على النقاط التالية:

ـ ينبغي أن يكون التنسيق بين كافة مؤسسات الدولة على أعلى مستوى؛ حتى لا يقع الناس في متاهة وبلبلة.

ـ بعض الناس يقدم معهد البحوث الفلكية والبعض يقدم قول دار الإفتاء والحقيقة أنهما وجهان لعملة واحده فإن كانت دار الإفتاء هي الوجهة الرسمية المنوطة بإعلان المواقيت والأزمنة والشهور، فإن معهد الفلك يرصد حركه الشمس والقمر والنجوم والأفلاك بدقة عالية، حتى إذا كان هناك غمام ورؤية الهلال غير متاحة رجع الجميع إلى قول معهد البحوث الفلكية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الهلال: “إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له”، والتقدير لا يكون إلا لأهل التخصص من علماء الفلك والشريعة.

ولكن لماذا اعتمد الشرع الرؤية البصرية للهلال، رغم أن الاستطلاع الفلكي قد يكون أدق؟

وذلك لأن الرؤية البصرية للهلال متاحة لكل الناس في كل زمان ومكان في الصحراء والبحار والجبال والبيئة الثلجية والغابات، ويمكن للرجل البدوي العامي استطلاع الهلال، خاصة إذا لم تتهيأ في بعض الأزمنة مؤسسات رسمية تتولى استطلاع الشهور، أما الحساب الفلكي فلا يتمكن من معرفته إلا المتخصصون؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: “نحن أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب ولا نحسب” أي الحساب الفلكي الشمسي، ولكن لا مانع من الاستئناس به، ومعنى الحديث: أن الشريعة سهلة يسيرة يستطيع أن يفهمها ويستوعبها الشخص الأمي البدوي في الصحراء وعالم الفلك سواء بسواء، إذ كلاهما يستطيع أن يعرف متى يدخل الشهر ومتى يخرج.

ـ أنه لا خلاف ولا تناقض بين التاريخ الهجري القمري، والتاريخ الميلادي الشمسي، أو بمعنى أدق هما لعملة وجهان؛ لأن التاريخ الميلادي قد ارتبط بالشمس، والتاريخ الهجري قد ارتبط بالقمر، والشمس والقمر يدوران في نسق واحد ويسيران في فَلَك واحد من دون خلاف، قال الله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[يس: 40]، وفي كثير من الآيات يُقْرن القرآن الكريم بين الشمس والقمر، وأن الحكمة من خلقهما ضبط عدد السنين وحساب التاريخ، كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}[يونس: 5].

اترك تعليقاً