بقلم الدكتور : فارس أبوحبيب إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية
عيد الفطر هو يوم الجائزة، يوم الفرح للمؤمنين الذين صاموا شهر رمضان إيمانًا واحتسابًا، فوهبهم الله هذا اليوم ليكون ميدانًا للبهجة والسرور، ومظهرًا من مظاهر عظمة هذا الدين وحضارته. قال رسول الله ﷺ: “للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه” (متفق عليه).
وداع رمضان واستقبال العيد:
ها هو شهر رمضان قد انقضى، فطوبى لمن اغتنمه بالطاعات، وخسران لمن فرّط في أيامه ولياليه. لكن العيد يأتي ليذكرنا أن العبادة لا تنتهي بانتهاء رمضان، بل هي منهج حياة. فالفرحة الحقيقية ليست فقط بقدوم العيد، بل بأن نكون من المقبولين عند الله، كما قال سبحانه: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ﴾ (الأعلى: 14-15).
فرحة العيد.. ليست مجرد احتفال!
العيد في الإسلام ليس مجرد مناسبة اجتماعية، بل هو عبادة ومظهر من مظاهر الوحدة بين المسلمين، حيث يجتمعون على التكبير والتهليل، ويمدّون جسور المحبة والمودة، ويتصافحون ويتزاورون، تحقيقًا لمعاني الأخوة التي دعا إليها النبي ﷺ بقوله: “لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا” (رواه مسلم).
كيف نفوز بيوم العيد؟
لكي نفوز بيوم العيد، لا بد من اتباع سنن النبي ﷺ، ومنها: – التكبير: من ليلة العيد حتى صلاة العيد، تحقيقًا لقوله تعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (البقرة: 185). – الغسل والتطيب ولبس الجديد: فقد كان النبي ﷺ يحرص على التجمل يوم العيد. – إخراج زكاة الفطر قبل الصلاة: فهي طهرة للصائم وسبب في نشر الفرحة بين الفقراء. – أداء صلاة العيد في الساحات: إظهارًا لشعائر الإسلام، والحرص على التزاور وصلة الرحم. – الابتعاد عن المنكرات والمظاهر السلبية التي تفسد روح العيد، مثل الإسراف والتفاخر والتهاون في الصلاة.
العيد مظهر حضاري يعبّر عن أخلاق المسلمين:
الإسلام قدّم نموذجًا فريدًا في الأعياد، فلا صخب ولا تجاوزات، بل تكبير وتهليل، وصلاة وزكاة، وسعادة تعم الجميع، فالفقير يجد من يعينه، والقريب يصل رحمه، والجميع ينعم بجو من الودّ والفرح في أجواء منضبطة.
وصايا لما بعد رمضان:
العيد لا يعني انتهاء العبادات، بل هو فرصة لتجديد العهد مع الله، والمحافظة على الطاعات بعد رمضان: – المداومة على قيام الليل وصيام النوافل. – المحافظة على القرآن وعدم هجره بعد رمضان. – الاستمرار في الصدقة وصلة الرحم، فهي من أسباب البركة في العمر والرزق. – الحرص على الأخلاق الحسنة، فالعبادة لا تقتصر على الصلاة والصيام، بل تشمل حسن التعامل مع الناس.
عيدكم مبارك!
وأخيرًا، نهنئ الأمة الإسلامية بحلول عيد الفطر المبارك، ونسأل الله أن يعيده علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات، وأن يجعلنا من المقبولين، وأن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار في بلادنا.