تِلۡكَ إِذا قِسۡمَة ضِیزَىٰۤ

بقلم فضيلة الشيخ الدكتور : عبدالرحمن رضوان
إمام وخطيب ومدرس بالأوقاف

 

يقول الحق تعالى في سورة النجم: ﴿تِلۡكَ إِذا قِسۡمَة ضِیزَىٰۤ﴾ [النجم ٢٢] كنا نقرأ هذه الآيةونحن صغار، ويحدونا شعور رهيب بالحرج وننحن ننطقها، وأحيانا نغير نطقها .

ولكن في نظري – والله أعلم- هذه الآية بديعة جدا بهذه اللفظة الفريدة في طول القرآن وعرضه، لما يلي :-

أولا: كلنا يعلم من حال العرب قبل الإسلام أنهم كانوا يئدون البنات صغارا مخافة الفقر، وخشية العار، وبالتالي كانوا يفضلون الذكور على الإناث، وقد حكى لنا القرآن الكريم طرفا من حياتهم في هذا الشأن ، فقال تعالى:﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلۡأُنثَىٰ ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّا وَهُوَ كَظِیم، ﴿یَتَوَ ٰ⁠رَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦۤۚ أَیُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ یَدُسُّهُۥ فِی ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَاۤءَ مَا یَحۡكُمُونَ﴾[النحل ٥٩:٥٨].

ثانيا: أمةُ العرب – وبالتحديد المشركين منهم- كانوا قد حكموا على الملائكة بأنهم إناث، على أساس أن الذكور أفضل من الإناث، وميزوا أنفسهم بالذكور وجعلوا الملائكة إناثا، وجعلوها خاصة بالله وحده: ﴿وَجَعَلُوا۟ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ ٱلَّذِینَ هُمۡ عِبَـٰدُ ٱلرَّحۡمَـٰنِ إِنَـٰثًاۚ أَشَهِدُوا۟ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَـٰدَتُهُمۡ وَیُسۡـَٔلُونَ﴾ [الزخرف ١٩].
وبهذه القسمة الغربية استفهم الله جل وعلا منهم استفهام إنكاريا في سورة النجم: ﴿أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلۡأُنثَىٰ﴾ تِلۡكَ إِذا قِسۡمَة ضِیزَىٰۤ﴾ [النجم ٢٢:٢١] وضيزى بمعنى قسمة جائرة ظالمة .

وهنا سؤال يطل برأسه، لماذا آثر التعبير اللفظ ضيزى بدلا من معنى جائرة وظالمة، بمعنى كان من الممكن أن يقول الحق، تلك إذا قسمة جائرة أو ظالمة.
يعني: ما الداعي لوجود هذه الكلمة الغريبة في هذا السياق؟!

أقول والله أعلم : إن غرابة القسمة – أن لله الإناث ، ولهم الذكور، ألكم الذكر وله الأنثى- اقتضت غرابة هذا اللفظ.

ولمجيدي علم التجويد حاول أن تقرأ هذه اللفظة وأنت تنظر في المرآة، واحكِ لنا ما يبدو على وجهك وقتها من ملامح، ستجد أن علامات الاشمئزاز والاستغراب بدت على وجهك ومحياك وأنت تقرأها، فسبحان من هذا كلامه! كلمة مصورة للمعنى تماما ، حقا ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *