ناقل الكلام.. سمّ العلاقات وخراب القلوب!

بقلم الدكتور : فارس  أبوحبيب
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية

 

ناقل الكلام.. خنجر في ظهر الأصدقاء! 

في كل مجموعة مترابطة، تجد روحًا من التعاون والإخاء، يسود بينهم الحب والتفاهم، حتى يظهر بينهم ذاك الناقل، الذي لا همّ له سوى الفتنة وإشعال النار بين القلوب، يتحرك بيننا كأنه منّا، ينقل الكلام بزيادة ونقصان، يفتعل المشكلات، يفسد العلاقات، ويبني بين الزملاء جدرانًا من الشك والخصام!

 خطر ناقل الكلام.. تحذير قرآني ونبوي!

لم يكن ناقل الكلام مجرد شخص عابر في التاريخ، بل هو صفة ذميمة حذّر منها الله ورسوله، وجعلها من صفات الفساد والفتنة.

قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ (القلم: 10-11).

 النمّام مشّاءٌ بالفساد، لا يهنأ له بال حتى يرى القلوب محترقة، والعلاقات مدمرة!

وقال النبي ﷺ: “لا يدخل الجنة نمام” (رواه مسلم).

تحذير خطير! النمام محروم من الجنة! فكيف بمن يُفرّق بين زملائه وإخوانه؟

كيف يعمل ناقل الكلام؟

1️⃣ يسترق السمع ثم يزيد عليه، فيحمل كلمة من هنا ويضيف عليها من عنده قبل أن ينقلها.
2️⃣ يضرب الجميع ببعضهم البعض، فهو لا ينقل الكلام لوجه الله، بل ليستمتع بالخلافات!
3️⃣ يستغل ضعاف النفوس، فمن يستمع إليه ويصدقه يصبح شريكًا في الفتنة.


قال الحسن البصري: “من نمّ إليك، نمّ عنك، ومن أخبرك بخبر غيرك، أخبر غيرك بخبرك!”

انتبه! من جاءك ينقل كلام الناس، فهو حتمًا ينقل كلامك إليهم!

أثر النميمة في المجموعات والأصدقاء والعمل الجماعي:

🔹 تُحطم الثقة: إذا غابت الثقة بين الزملاء، انهار الفريق.
🔹 تزرع الأحقاد: بدلاً من التعاون، ينشغل الجميع بالخلافات.
🔹 تضعف الإنتاجية: المشاكل الداخلية تُعيق أي نجاح حقيقي.
🔹 تحوّل الأصدقاء إلى أعداء: فلا يبقى أحد كما كان!

كيف نحمي أنفسنا من النمام؟

لا تصدق كل ما يُقال.. فالناقل دائمًا يضيف من عنده!
واجه الزملاء مباشرة.. لا تأخذ كلامًا عن شخص دون أن تسمع منه.
لا تكن أداة بيد النمام.. لا تستمع، لا تكرر، لا تنقل!
اجعل شعارك: “الصمت عن الفتنة عبادة”.


قال النبي ﷺ: “كفى بالمرء كذبًا أن يُحدّث بكل ما سمع” (رواه مسلم).

لا تكن وقودًا في لعبة النمام، بل كن جدارًا يمنع نيرانه من الاشتعال!

 رسالة أخيرة إلى النمام! 

يا من تفرّق بين الزملاء، وتزرع الفتن، وتُفسد العلاقات، اعلم أن الفتنة نار، وصاحبها أول من يحترق بها!

ولذا أقول: “النَّمِيمَةُ صُوَرَةُ الْخِيَانَةِ، وَاللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِين”

اتقِ الله، فإن الفتنة تُهلك صاحبها قبل أن تُهلك غيره!

اللهم اجعلنا ممن يُصلحون بين الناس، لا ممن يُفسدون بينهم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *