ذلك عيسى ابن مريم
16 مارس، 2025
منبر الدعاة

بقلم فضيلة الشيخ الدكتور : عبدالرحمن رضوان
إمام وخطيب ومدرس بالأوقاف
من خاطرة التراويح اليوم : ذلك عيسى ابن مريم
إن الحق جل وعلا منزل هذا الكتاب قد قال في آياته البينات من سورة مريم:” ذَ ٰلِكَ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَۖ قَوۡلَ ٱلۡحَقِّ ٱلَّذِی فِیهِ یَمۡتَرُونَ، مَا كَانَ لِلَّهِ أَن یَتَّخِذَ مِن وَلَد سُبۡحَـٰنَهُۥۤۚ إِذَا قَضَىٰۤ أَمۡرا فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ، وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبِّی وَرَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ هَـٰذَا صِرَ ٰط مُّسۡتَقِیم، فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَیۡنِهِمۡۖ فَوَیۡل لِّلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن مَّشۡهَدِ یَوۡمٍ عَظِیمٍ، أَسۡمِعۡ بِهِمۡ وَأَبۡصِرۡ یَوۡمَ یَأۡتُونَنَاۖ لَـٰكِنِ ٱلظَّـٰلِمُونَ ٱلۡیَوۡمَ فِی ضَلَـٰل مُّبِین،وَأَنذِرۡهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡحَسۡرَةِ إِذۡ قُضِیَ ٱلۡأَمۡرُ وَهُمۡ فِی غَفۡلَة وَهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ، إِنَّا نَحۡنُ نَرِثُ ٱلۡأَرۡضَ وَمَنۡ عَلَیۡهَا وَإِلَیۡنَا یُرۡجَعُونَ﴾. [مريم ٣٤ :٤٠ ].
والحق يقال إن هذا المقطع من عجيب مقاطع القرآن في مبناه ومعناه، والقرآن كله عجيب بديع؛ إذ إن سورة مريم مبنية على فاصلة واحدة ألا وهي الألف ، نحو: زكريا ، مقضيا، شرقيا، سويا، نبيا، وهكذا في طول السورة إلا هذا المقطع ،فقد تغيرت فاصلته نحو: يمترون، فيكون، فاعبدون، عظيم ، يرجعون وهكذا.
ولعل السر في ذلك والله أعلم .
إن توحيد الفاصلة بالألف يناسبُ الأسلوبَ القصصيَّ الشائعَ في السورة من بدايتها لنهايتها ، ولكن لما كان الحديث في هذا المقطع عن عقيدة، وليس قصصا، لما كان الحديث عن إفراد الله الذي بيديه ملكوت كل شيء، والذي يقول للشيء كن فيكون بالوحدانية، ونفي الولد والصاحبة لله، والإقرار بيوم البعث، وأن مآل الجميع لله وحده :”إِنَّا نَحۡنُ نَرِثُ ٱلۡأَرۡضَ وَمَنۡ عَلَیۡهَا وَإِلَیۡنَا یُرۡجَعُونَ”.
لما كان الحديث عن كل هذا كان تغيرتِ الفاصلة؛ لإثارة الأذهان، واستدعاء انتباهها؛ لأن الأمر خطير يسترعي ويستدعي الانتباه والتيقظ من الغفلة: وَأَنذِرۡهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡحَسۡرَةِ إِذۡ قُضِیَ ٱلۡأَمۡرُ وَهُمۡ فِی غَفۡلَة وَهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ .
حقا والله، صدق اللهُ، وهو أصدق القائلين: ﴿أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَیۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِیهِ ٱخۡتِلَـٰفا كَثِیرا﴾ [النساء ٨٢].