لا تقتلوا براءة الأطفال!
12 مارس، 2025
بناء الأسرة والمجتمع

بقلم الدكتور : فارس أبوحبيب
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية
الطفولة هي أرقى مراحل الحياة، حيث البراءة، الصفاء، والضحكات النقية التي تملأ الدنيا بهجةً وأملًا، لكن في واقعنا المؤلم، هناك من يتجرد من إنسانيته، فيهتك براءة الأطفال، ويغتصب أحلامهم، أو يعاملهم بقسوة تقتلهم نفسيًا قبل أن تقتلهم جسديًا.
إنها جريمة لا تُغتفر، ليست فقط ضد الطفولة، بل ضد الفطرة الإنسانية، وضد كل الشرائع السماوية التي جعلت حماية الأطفال أمانة في أعناق الكبار. في زمن نسمع فيه عن أطفال يُغتصبون، وأطفال يُضربون حتى الموت، وأطفال يُهانون حتى يفقدوا ثقتهم بأنفسهم، يصبح السؤال: ماذا فعلنا لنحمي براءة الصغار؟ وكيف نعيد للمجتمع إنسانيته؟
تحريم الاعتداء على الأطفال في الإسلام:
الإسلام جعل الأطفال أمانة عظيمة، وأوجب حمايتهم نفسيًا وجسديًا، وحرم الاعتداء عليهم بأي شكل من الأشكال. بل جعل معاملتهم بلطف ورحمة من علامات الإيمان، كما في قول النبي ﷺ: “ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا” (رواه الترمذي).
* وجعل قتل النفس بغير حق من أعظم الجرائم، فقال الله تعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ (التكوير: 8-9).
فإذا كان وأد البنات في الجاهلية جريمة كبرى، فماذا نقول عن من يقتل براءة الأطفال اليوم بالاعتداء والظلم؟
* وقال النبي ﷺ في التحذير من الظلم: “اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة” (رواه مسلم).
والاعتداء على الأطفال ظلمٌ عظيم، لأنهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، ولا يجدون من ينصرهم إلا الله!
أنواع الجرائم ضد الطفولة في عصرنا:
لم تقتصر الاعتداءات على الأطفال على الضرب والتعنيف فحسب، بل تعددت أشكال الجرائم التي تهدد براءتهم، ومنها:
1- الاعتداء الجنسي:
وهو من أبشع الجرائم التي يرتكبها ضعاف النفوس، حيث يتم اغتصاب براءة الأطفال، تاركينهم في صدمة نفسية قد تستمر مدى الحياة.
2- العنف الأسري:
كثير من الأطفال يعانون يوميًا من الضرب والإهانة والتوبيخ، مما يقتل ثقتهم بأنفسهم، ويجعلهم يشعرون بالخوف الدائم.
3- إهمال التربية:
بعض الآباء والأمهات يتجاهلون مسؤوليتهم تجاه أبنائهم، فيتركونهم عرضةً للضياع والانحراف، بسبب غياب التوجيه والتربية السليمة.
4- استغلال الأطفال في العمل والتسول:
بدلًا من أن يعيشوا طفولتهم في التعليم واللعب، نجد بعض الأطفال يُستغلون في أعمال شاقة، أو يُجبرون على التسول، مما يدمر حياتهم ومستقبلهم.
كيف نحمي الأطفال ونحافظ على براءتهم؟
1- التربية السليمة والاحتواء العاطفي:
الطفل بحاجة إلى حب، حنان، وتوجيه سليم، وليس إلى التوبيخ والعقاب العنيف. قال النبي ﷺ: “إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله” (رواه البخاري).
2- سنّ القوانين الصارمة ضد المعتدين:
يجب أن تكون هناك عقوبات رادعة لكل من يعتدي على الأطفال، سواء بالضرب، أو التحرش، أو الإهمال، حتى لا تصبح هذه الجرائم أمرًا متكررًا.
3- التوعية المجتمعية:
يجب نشر الوعي بين الناس حول خطورة العنف ضد الأطفال، وكيفية تربيتهم بطريقة صحيحة تحميهم نفسيًا وجسديًا.
4- مراقبة المحتوى الإعلامي:
كثير من البرامج والأفلام تبث مشاهد العنف والإيذاء، مما يرسخ في أذهان الأطفال أن العنف أمر طبيعي. لذا يجب الانتباه إلى المحتوى الذي يتعرضون له.
كلمة أخيرة:
الأطفال ليسوا مجرد صغار نرعاهم، بل هم أمانة سنُحاسب عليها يوم القيامة. فلا تكن ممن يقتل براءتهم بكلمة جارحة، أو بضربة موجعة، أو بإهمال قاتل.
فلنكن نحن الجدار الحامي لبراءة الأطفال، لا السكين الذي يغتالها!