العلماء ورثة الأنبياء : حصانة رجال الدين بين الشرق و الغرب
17 فبراير، 2025
العلم والعلماء

بقلم الدكتور الشيخ : محمد سعيد صبحي السلمو ( الأزهرى البابي الحلبي )
في أوروبا رغم علمانيتها إلا أن لرجال الدين عندهم قدسيتهم و مكانتهم، و رجال الدين “القساوسة و الرهبان و البطاركة” هم المرجعية الثابتة و الدائمة للسياسيين و الدبلوماسيين و كبار رجال الدولة في القرارات المهمة و الحاسمة و الصعبة، و لرجال الدين حصانة كحصانة أي وزير أو مسؤول في الدولة، و المساس بقدسيتهم و حصانتهم خط أحمر لا يتجرأ أحد مهما كانت أهميته على تخطيها، أما عندنا نحن في الدول الإسلامية فرجل الدين حماه مباح و الإقتراب منه أمر أسهل ما يمكن أن تتصوره:
لماذا المشايخ؟!
في ما يسمى بالربيع العربي نال المشايخ نصيبهم من الأذى سواء الجسدي أو اللفظي أو حتى في وسائل الإعلام تحت ذريعة أسموها “مشايخ السلطان” و كان أول من أطلق هذه الذريعة “الوهابيون و العلمانيون و الليبراليون و الملحدون” و كأن المشايخ عندنا أصحاب قرار و نفوذ و سلطة، أو كأن بأيديهم عزل و تولية الحكام و أعوانهم، بينما هم لا يملكون حتى نص الخطاب الذي كانوا يخطبونه على المنابر، و من كان يحيد عن النص الموضوع له أو الآلية التي سيلقي بها خطبته كان ينكل به شر تنكيل، و يذهب إلى المعتقلات و السجون دون رجعة و دون نصير أو مدافع عنه و عن كرامته، و إطلاق هذه الحملة المسعورة المسماة ب”مشايخ السلطان” كانت مجرد مغالطة رجل قش يريدون بها ضرب التراث الإسلامي، و صنع شرخ بين عوام الأمة و خواصها، ليسهل عليهم فيما بعد أدلجة العوام و سوقهم نحو المسار الذي يريدونه لهم..!!
– و مثلاً في جائحة كورونا، ترك عوام الشذاذ من العلمانيين و الليبراليين و غيرهم عندنا كل أسباب المصائب و أخذوا بالتهكم على المشايخ و أقل العبارات كانت : “الغرب منهمكون في تحضير العلاج و مشايخنا منهمكون في الدعاء عليهم”, و كأنهم يطلبون من الشيخ أن يكون طبيباً..!!
فهل يعقل للمهندس أن يكون مزارعاً أو للمعلم أن يكون طبيب أسنان أو للقابلة أن تكون كيميائيةً؟! طبعاً لا .. فلكلٍّ تخصصه و لكلٍّ علمه الذي تعلمه و الذي وظف نفسه لأجله، كذلك لا يمكن للشيخ أن يكون طبيباً كيميائياً يجلس في المختبرات لاكتشاف العلاج، أما عند عوام العلمانيين و الليبراليين عندنا فيطلبون من الشيخ أن يكون كل هذا، و إلا فلن يدعوه و شأنه، و مغالطة “رجل القش” جاهزة و حاضرة له في كل محفل.
ما السبب يا ترى؟!
فلماذا يسوق العلمنجية بعض سذّج النّاس كالقطعان؟
و ما هي القصة كل الناس حملتها على المشايخ في الفترة المنصرمة؟!
تبرع كم فنان ورياضي بمال من عرض مالهم ، لايساوي أجر حفل واحد من حفلاتهم الحرام وسيعود إليهم بطرق أخرى حتماً، والحمد لله لن يصل للمحتاجين بفضل بعض المنظمات و غيرهم من الأنظمة المستفيدة، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً…
– سبق درهم مائة ألف درهم:
أنت لا تعلم ربما قدم طلبة العلم صدقات متواضعة من دخلهم المتواضع, هي كل مايملكون
هل تعلم أن المشايخ مصابون بابتلاءات لا يعلم فيها إلا الله؟
و من تقدم رغم جراحه لمساعدة الناس يتم اتهامه باتهامات كثيرة؟
و إذا حث الناس على الصبر يقولون له لا تحدثنا عن الصبر،
عن ماذا يحدثكم إذاً؟
عن التذمر و السطو على ممتلكات الناس مثلاً بحجة الحاجة؟!
يحملونه سبب فشل الأمة وفقر الفقراء و كأنه صاحب الحل و الربط و صاحب السلطة العليا في البلاد…!! ، حتى مسؤولية الحرب يتحملها المشايخ ومهما فعل فلن يرضي الناس..
لماذا تنساقون وراء إعلام الغلمنجية السفهاء؟!
لماذا يسوق العلمنجية بعض سذّج الناس كالقطعان ؟
إلى الذين يشتمون العلماء ويبتعدون عنهم ويظنون أنهم على حق:
* نحن أمة لاتتخذ قراراتنا ومواقفنا تبعاً للأحداث والتحولات
، وإنما نتخذها بما توجهنا إليه الآيات والنصوص النبويات…
ومن لا مرجع له في الأحداث من ديانته فلا أمل له في حفظه لأمانته.
درر من كلام الحبيب أبو بكر العدني المشهور:
“رفقاً بالعلماء”
– إذا تكلَّموا قلتم: ألا يجيدُ هؤلاء إلا التَّنظيرَ والخطب؟!
وإذا سكتوا قلتم: سلبيُّون خانوا رسالتهم..!
– إذا تصدَّروا الصفَّ قلتم: مراؤون يبحثون عن حظِّ النَّفس من الشُّهرة والأضواء..
وإذا تخلَّفوا قلتم: جبُنوا وتقهقروا.
– إذا تكلَّموا في قضايا الدَّولة والحكم قلتم: علماءُ سياسةٍ وفتن، وإذا اكتفوا بفقه النَّاس وفتاويهم قلتم: علماء حيضٍ ونَفاس.
يا عبادَ الله كيف تنتصر أمَّةٌ لا تُكرم علماءهاولا تلتفُّ حولهم؟!!!
وسيقول لي بعضكم: أين هم؟
سأقول : موجودون
ولكن حقدكم و إنكاركم لقيمة مهماتهم قد أعمى أبصاركم عن رؤيتهم..
فمتى قومي يتعقّلون؟
انتهى …
نهاية: العلماء ورثة الأنبياء، و لا بارك الله بأمة أهانت علماءها و أحطت من قدرهم، اصحوا و تنبهوا و استفيقوا من غفلتكم و لا تجعلوا لشياطين الشرق و الغرب عليكم سبيلا، و تمسكوا بما تبقى من علمائكم و دعاتكم، فإن أحسنوا أعينوهم، و إن أساؤوا فقوموهم بالحسنى، فو الله لا و لن تنجوا من نوازل الله و غضبه إلا ببركتهم، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.