أنا متنمر – أنا مريض
11 فبراير، 2025
قضايا شرعية

بقلم : الدكتور مصطفى عبد الله باحث في العلوم الإنسانية
أنا المتنمر، ذلك الذي يخشى ضعفه، فيخيف غيره، الذي يهرب من عيوبه، فينقب عن عيوب الآخرين، ذلك الذي يختبئ خلف قناع القوة المزيفة، بينما تنهشه هشاشته من الداخل.
أنا من يجيد السخرية، من يجيد طعن القلوب بكلمة، من يفرح بدمعة انكسار رسمها على وجوه ضحاياه، أنا من يضحك عاليا بينما تنوح أرواح غيري في صمت.
أمزق الآخرين بسيف كلماتي الحاد، لا لشيء إلا لأنني أريد أن أشعر أنني أقوى، أنني أسيطر، أنني الأعلى.
في لحظة، أخمد ثقة شخص، وفي لحظة أخرى، أطفئ فرحته، أُعلمه كيف يخشى الناس، كيف يكره ذاته، كيف يهرب من الحياة وأنا أظن أنني انتصرت.
لكن ما هذا الانتصار البائس الذي يجعلني، كل ليلة، أقف أمام المرآة فلا أرى إلا ظلا شاحبا، شبحا لإنسان كان يمكن أن يكون نقيا، لكنني جعلته مسخا لا يعرف سوى التهكم، سوى تحطيم غيره كي لا يتحطم هو؟!!!
أنا المتتمر، أنا المريض، مريض بانعدام الرحمة، مريض بتراكم الأوجاع التي سكنت داخلي حتى جعلتني وحشا.
أنا لم أؤذ غيري بقدر ما أذيت نفسي، لم أقتل غيري بقدر ما قتلت إنسانيتي، لم أزرع الألم في قلوبهم بقدر ما زرعته في روحي.
اليوم أدرك الحقيقة، وأعترف بها بكل وضوح:
أنا لا أحتاج إلى أن أخيف الناس، بل أحتاج إلى أن أكون إنسانا، أحتاج إلى علاج، إلى تقويم أخلاقي، إلى تهذيب تربوي، إلى تصحيح نفسي
ثم إن لم أتعلم، إلى عقابٍ يجعلني أدرك أنني لا أملك حق تمزيق غيري.
اليوم أواجه نفسي بلا أقنعة، أرى حروقي كما هي، وأقرر أن أبدأ من جديد، أن أكون من يصلح لا من يفسد، من يداوي لا من يجرح، من يرفع غيره لا من يسقطه.
اليوم أختار أن أشفى، أختار أن أكون إنسانا بحق.
المجلة رائعة تنشر موضوعات حياة ومهمة للمجتمع سواء علي المستوي العلمي أو الديني الأخلاقي والاجتماعي والنفسي متكاملة حقيقة جزاكم الله خيرا