وإن كنتم على سفر

بقلم الدكتور : عثمان عبدالحميد الباز

ربنا ذكرنا بالسفر في الدنيا وبعض أحكامه ،فماذا هيج في نفسك؟

وماذا ايقظ في روحك؟

الم تتذكر سفر الآخرة، والقبر ذوالظلمات القاهرة؟
من وقتها يكون معك؟

ومن حينها يدفع عنك وينفعك؟

سفر الدنيا فيه رجوع وإياب

وسفر الآخرة غياب في غياب

ثم تنطمس الصور في مخيلة المعاصرين، وتتلاشى السيرة من كلام المتحدثين ،ورويدا رويدا يذهب المعاصرون مهما كان العدد، يفنى الذكر والسيرة كما فني من قبل الجسد .

تذكر السفر قبل نزول الخبر ، صاعقة لحظة يفيق منها الأحباب ،سرعان ما يتنبهوا لتوسيدك التراب،وحيدا في بطن أمك الثانية وهي الأرض،كما كنت في بطن أمك الأولى وأخرجك للحياة لاختبارات وابتلاءات النجاة،
ثم ذكرتنا الآيات بآداء الأمانات،أمانات الخلق عندك من أموال وحقوق ومراعاة حق نفسك وعدم العقوق .

ألم تذكرك بالتقصير في الآمانات ؟
ألم تذكرك بخلوات الغدرات والفجرات؟
من يتداركها إذا لم تفعل؟ هل تطيق حملها ؟
وكم منها ستحمل ؟

أمانات الاعضاء والجوارح وما اقترفته من عظامٍ بوارح،أمانات اللسان على طول الزمان ؟
فهل كففته عن أعراض الناس ؟
ام أطلقته هنا وهناك حتى جرك إلى الإفلاس ؟
أمانات اليد وما أخذت وما تناولت وما أكلت وما بطشت ؟

وما وما وما ؟

نسيت وما تذكرت؟

فالله لا ينسى ويعلم كلَّ ما فعلت.

اديت أمانات العبادات ؟

من صلوات وصيام وحج وصدقات؟

أديت أمانات المعاملات فصنت وما خنت؟ أم خنت وما صنت؟

وليس غريبا أن يأمرك ربُّك بتقواه ، وإحصاء نعمى عطاياه، عقب الأمر بآداءها ،ويذكرك بربوبيته لك ،وإحسانه عليك .

كم اعطاك من النعم؟ وأغدق عليك من فيوضات الكرم؟

فهل حرّك الفكرُ عندك أمانةَ الشكر؟
واهتزت شجرةُ اللسان بالذكر؟ أم تهت في وديان النسيان؟
وجرك النسيانُ إلى الأمان من حيث يأتي هدمُ البنيان ؟
لعمري إن هذا لعين البخس والخسران!

ثم حذرك ربُّك وذكرك ،اخلع جذرك ولا تجعله في الضلال ضارب،احذر فانت في كل حال مراقب ﴿وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ ﴾

من كتاب ﴿من عظمة القرآن بين البلاغة والبيان ﴾
للدكتور / عثمان عبدالحميد الباز

اترك تعليقاً