لاتكن أداة فى يد غيرك
20 ديسمبر، 2024
أخبار العالم الإسلامى

بقلم الأستاذ : مازن أبو الفضل مدرب تنمية بشرية ومهارات
يفتقد البعض ذلك الزمن الجميل الذي كنا نقضيه على المقاهي بعد صلاة العشاء نتبادل المعلومات، وفي الصباح نقرأها في الجريدة ونتبادل أيضاً ما قرأناه، وربما يكون لنا وجهة نظر مختلفه في التاسعة مساءً عندما نشاهد نشرة الأخبار عقب المسلسل وحديث مفتي الجمهورية.
أوقات جميلة بسيطة ونمط حياة بسيط خالي من التعقيدات يختلف عن نمط الحياة السريع المعقد المركب الذي نعيشه الآن
قد تتعلق تلك التعقيدات بثورة المعلومات، التي يظهر لها فوائد عدة لكن تأثيرها السلبي على حياتنا لا يمكن إنكاره فالإنسان يتعرض لكمية معلومات رهيبه منذ ان يستيقظ من النوم حتى يعود لغرفة نومه في نهاية اليوم، والتعامل مع هذا الفيض يحتاج الى تعامل من نوع خاص لا يستطيع كل الناس القيام به بما يحتاج الى مهارات تفكير ومهارات معرفية لا يتعرض لها الإنسان العادي في رحلته التعليمية.
إن أكبر خطر يمكن أن يتعرض له الإنسان هو سرقة عقله، وملئه بأفكار ومفاهيم خاطئة ومضللة، وهو وارد جداً حدوثه نتيجة فيضان المعلومات الذي ذكرناه آنفاً.
فالإعلام بصوره المختلفه على مر العصور دوماً لديه نفس المهمه، تخديرك وتدجينك يستخدمه المستبد ليوهمك ان كل شيء تمام وأنت تعيش في أفضل بقاع العالم، أو يستخدمه الغازي ليقول لك أنه الفاتح والمُخلص وأن البركات حلت بوجوده كلهم بنسبه كبيره مخادعين ومن الخطأ التعامل مع كل مصادر المعلومات انها صحيحة او يقينية، هذا حتى يعتبر من باب جمع النقيضين، حتى المنطق يصنف سرعة التصديق انها حمق.
كيف نعرف الحقيقة إذن في ظل كل هذه التناقضات والمحاذير؟
الفاصل في كل هذا هو الواقع، فالحق هو ما طابق الواقع كما تقول فلسفة المعرفة، كل الأحكام إما وهم أو ظن إلا حكم صاحب المحنة نفسه لكن صاحب المحنه غالباً تكون نفسيته شوهها المستبد، لذلك أيضاً حكمه ليس دائمًا واقعي.
الحل يكمن في الصبر وإدارة المعلومات بالقيم، بالعدالة
من يحقق العدالة؟
هل تطول كل الناس؟
بأي منهج؟
بالرضا؟
ما موقعنا من النظام العالمي؟
احكم بالأفعال على أرض الواقع ليس بالتصريحات وبالوقائع ليس بالشعارات
كيف نعرف ونحن بعيدين عن الحدث؟
كما قلنا بالصبر والميزان
الصبر على الأخبار، وتقييم مصدر الخبر
ولا تنس أن تضع قلبك جانباً، لإن هذا هو الهدف الذي تسعى الي قوى الشر في النهاية، استغلال عواطفك لتحكم حكمهم وتأخد أفكارهم وتتحرك بها وتدعي غيرك اليهم.
فكثير من الحركات العالمية ستجد وراءها حدث مثير للعواطف يسوق لها، مثلاً الهولوكوست واليهود، الأمريكان والهنود الحمر، لا نقول ان تلك المآسي لم تحدث إنما يمكن تضخيمها وتهويلها لجذب أتباع يمكن توجيههم لمسارات غير شريفه تخدم أغراض هدامه.
والواقع ليس ببعيد، فمنذ سقوط الأسد ديكتاتور سوريا انتشرت قصص مأساوية عن سجن صيدنايا لا يمكن تحري دقتها او مناقشاتها، خاصة أنه تم نفي مؤخراً قصة مكبس الجثث الذي يذوب الجثث من السوائل ليتم التخلص منها بسهوله.
لا يمكنك حتى التشكيك فيها لأنك ستكون وقتها مُصنف من أصحاب القلوب الضعيفة ومرهفة الحس انك عدو الحريات محب الديكتاتوريات شارب دماء الأطفال وهاتك أعراض النساء كالهولوكوست تماماً، لا تستطيع مناقشته حتى في أعظم قلاع الحريات في العالم.
نحن لا نقول ان نظام الأسد بريء لكن الثوار يحتاجون للتعاطف لذلك يمكن نشر قصص غير حقيقية عن سجون الأسد لكسب تعاطف أكبر وتشتيت الإنتباه عن أمور أخرى، وهو قد يعتبر كذبه بيضاء في ظن البعض من المتطرفين لإنه ينصر قضية سامية، كذب في سبيل الله.
من أقوال (جوبلز) وزير الإعلام النازي “أن الكذبة يجب أن تكون كبيرة حتى يصدقها الجماهير”
يجب أن نتذكر هذا عندما نسمع أخبار كبيرة ومهوله في وقت تاريخي صعب لإنها غالباً تستخدم كغطاء على أمر أكبر وأعظم وأفدح.