برهان الدين الباعوني رضى الله عنه
30 نوفمبر، 2024
أولياء أمة محمد
بقلم / د. محمد سالم
الأستاذ المساعد بجامعة الأزهر
برهان الدين الباعوني
أحد أعلام وأعيان القرن التاسع من السادة الشافعية ولد بباعون من بلاد الشام وكان له باع طويل في الأدب والشعر والفقه والحديث وأخذ العلم عن أكابر عصره كالسراج البلقيني والكمال الدميري وغيرهما وخطب وقال الشعر وصنف ومن مصنفاته ( مختصر الصحاح للجوهري ) وغيره .
كتب البقاعي في مدحه ووصف مجالسه يقول:
يا أيها السيد المشهور سؤدده … أنسيتني الأهل والأولاد والوطنا
هذي مجالسك العالي مراتبها … تجلو القلوب وتمحو الهم والحزنا
يقول البقاعي من كرامات الشيخ:
أن الشيخ – رحمه الله – كان له قريب يدعى جلال الدين غلام لديه جرأة عجيبة على الفتيا, وحب للظهور, وسعي للمنصب ولهث على الكرسي, بليد, لا يعرف إلا التودد للأمراء والسلاطين, ولا يفقه إلا التملق
وكان للشيخ شقيق صاحب علم وفضل من كبار أعيان الشافعية في الشام يعرف بالجمال يوسف
وكان قاضي الشافعية في تلك المرحلة في الشام شيخنا الشَّمْس البلاطنسي ( 863هـ) وكان من كبار المفتين والعلماء لا يخاف في الله لومة لائم والناس على أبوابه لا يرد منهم سائل وبيوته مفتوحة للجميع خصوصا لأهل الحرمين الشريفين كان يغدق عليهم ويجرى في قضاء حوائجهم حبا وكرامة لمقام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد وصف السخاوي مشهده نقلا عن تلاميذه ومريديه فقال كان أعظم مشهد في القرن كله حدث لعلم في دمشق والشام !
المهم بعد وفاة هذا العالم الذى لا يضارع سعى هذا البليد في البغي على بيت الباعوني وأخذ المنصب بالرشوة والبذل والوشاية والنفاق والتملق
فدعا عليه الشيخ الباعوني وتنبأ بموته غريبا شريدا
وكان من جملة ما كتبه لبعض تلاميذه في الشام ” ولهذا الغبي النازل من الخذلان في المنزل الدني
أب جاهل – عن الأخرة ذاهل – معروف بسوء الطريقة في الصبا – وهو الآن بالشام يتعاطى الربا ,, يالله للإسلام من صبي ذي فرية – لا يصلح لقضاء قرية – يلي منصبا وليه السبكي إن هذا مما يؤلم ويبكي
فكتب أحد تلاميذ الشيخ ينعي الإسلام وأهله بتلك المصيبة
ثم قال الشيخ: هذا لا يكون- ويأبى الله ذلك والمؤمنون- لا يجتمع على المسلمين مصيبتان- موت هذا العالم التقي ( يقصد الشَّمْس البلاطنسي) وولاية هذا الجاهل الشقي!
ومع بذل هذا الرجل رشوة بلغت 17 ألف دينار وهو مبلغ ضخم جدا في تلك الفترة
غير أنه لم يتولى المنصب وطرد إلى بلاد الروم فحدث له حادث هناك قتل بسببه ومات شريدا وحيدا بسبب دعوة الشيخ الباعوني وتحققت فيه نبؤته
رحم الله الشيخ الولي النقي برهان الدين الباعوني وكل السادة أصحاب الريادة من العلم والفكر رحمهم الله – وقاتل كل جاهل أرعن يسعى لمنصب دون فهم أو فقه – ويريد أن يتصدر دون أن يبلغ