بقلم الأستاذ : أحمد سعيد قحيف
يعتقد العلماني المادي أن العبادات والشعائر الإسلامية ليس لها تأثيراً حقيقياً على الأخلاق وأنه يوجد أشخاص تصلي وتصوم وأخلاقهم ليست كما ينبغي أن تكون! بل ويقول إن أخلاق بعض العلمانيين والملاحدة أفضل من أخلاق بعض المتدينيين وهم لا يستقون أخلاقهم من الأديان ولا يؤمنون بمرجعية متجاوزة لهذا العالم وضعت لهم هذا القانون الأخلاقي!
وهنا يخلط العلماني بين “المنظومة الدينية المتكاملة” بعمقها وعظمتها وقوة تأثيرها على الإنسان، وبين تطبيق بعض الأشخاص الخاطئ لها.. أي إنه يخلط بين الدين كمنظومة، والتدين كتطبيق خاطئ، ويتحدث عن إيمان الشكل لا إيمان الموضوع.. وهذه النسخة التي يعرفها عن الإسلام نسخة ناقصة وسطحية .
وعن سبب أخلاق بعض الملاحدة يقول علي عزت بيجوفيتش:
“يوجد ملحدون على أخلاق، ولكن لا يوجد إلحاد أخلاقي. والسبب هو أن أخلاقيات اللاديني ترجع في مصدرها إلى الدين.. دين ظهر في الماضي ثم اختفى في عالم النسيان، ولكنه ترك بصماته قوية على الأشياء المحيطة، تؤثر وتشع من خلال الأسرة والأدب والأفلام والطرُز المعمارية… إلخ. لقد غربت الشمس حقاً ولكن الدفء الذي يشع في جوف الليل مصدره شمس النهار السابق. إننا نظل نستشعر الدفء في الغرفة بعد انطفاء النار في المدفأة”
فأخلاق الملحد ليس لها قيمة ولا معنى داخل منظومته المادية، وهي أكبر حجة على وجود خالق وضع داخله هذا النظام الأخلاقي!
َالمنظومة الإسلامية متكاملة ومكونة من ثلاثة عناصر
العنصر الأول “العقيدة”
من خلالها نعرف ما يجب لله تعالى من الصفات وما يستحيل عليه من أضدادها وما يجوز في حقه تعالى، وتركز العقيدة على علاقة الإنسان بالله، وبالكون عبر اكتشاف مظاهر عظمة ورحمة وقدرة الله سبحانه وتعالى بما يدفع الإنسان إلى تثبيت التوحيد في نفسه.
ثانياً، منظومة “الشريعة”
التي تعمل على تنظيم علاقة الإنسان بالإنسان وترتيبها، على مستوى المعاملات التي تحفظ الحقوق، وتوضح الواجبات، وتعمل على ضبط علاقة العبد بخالقه، من خلال عبادته وذكره وطاعته، إضافة إلى أنها تعمل على ظبط علاقة الإنسان بالطبيعة من حوله، بما يحفظها ويحميها من كل سوء.
وثالثاً منظومة “الأخلاق”
وهي التي تشكل الإطار العملي الذي من خلاله يبرز الإنسان روح الشريعة والعقيدة، وهي غاية هذا الدين كما قال سيدنا رسول الله: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.. فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين.. فالأخلاق التي نتخلق بها بناء على عقيدة صحيحة تدفع الإنسان إلى السموّ، وتحفزه كي يواظب على الشريعة السمحاء، وكي يلتزمها فكراً وشعوراً وممارسة..