الصلاة على النبي من علوم الغاية

من فيض العصبة الهاشمية: الصلاة على النبي من علوم الغاية

الحمد لله رب العالمين وصلى اللهم وسلم وبارك على سيد المرسلين وآله الطاهرين وبعد، بدى لذوي النظر من الباحثين أن عبودية الصلاة على سيد المرسلين ليست فقط آلة قانونية للقرب تعصم مرعاتها والإشتغال بها القلب من الهم والعقل من الذلل والنفس من الشهوات حتى تسموا الروح ويتدرج المحب بها في مقامات المراقبة والمتابعة والمكاشفة والشهود للمعبود ولكنها أيضا علم متكامل من علوم الغاية تطلب لذاتها ويطلب غيرها من العلوم الآلية لها محبة لله ورسول وأهل بيت رسوله صلى الله عليهم وسلم.

وقد قعَّد قواعد هذا العلم الصديقون والعارفون الواصلون من أهل الله الى أصفى معيَّة القاطفون من البساتين الفرقانية الآخذون من الحضرة المحمدية بتو الإفاضة والتلقين من حضرته وحظ طلابه منه ظاهراً وباطناً يكون على قدر منزلة المحب عند الله بداية من طاعة المؤمن لقوله (صلوا عليه وسلموا تسليما) مروراً بالتقليد الموصل الى المراقبة بكفاية الهم ومغفرة الذنب وصلاة الرب ثم الترقي بمراد الله إلهاماً لدنياً لمن فُتح له على عتبة الإحسان من القديم ومن النعيم المقيم.

فقد جعل أهل الله للصلاة على النبي الأعظم صيغا تتدرج في درب الكمال من أبسطها وهي: (اللهم صل على النبي) مرورا بالسلام والتسليم والبركة مع السيادة والتعظيم على حضرته وآله فيقف صاحبها على أبواب الصلاة الكاملة وهي: (اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله) ثم تتنوع صيغ الصلوات على ومافيها من إضافات وكمالات لسيد السادات وفقاً لعطاء المحب ودرجة القرب إلى صيغ وصل بها أصحابها ومن اشتغل بها من أبناء الطريق الى مقامات من القرب لا يدركها غيرهم منة من الله وتفضلا.

وعلم أهل الله أن للصلاة على سيدنا محمد منازل متدرجة وفقا لحال المريد من العبيد من أول العاصي المنتسب إلى حال المحب المجتهد المكتسب إلى مقام المحسن الملهم المحتسب لدرجة أن كل عضو يشارك في هذه الصلاة ينال بركتها لذلك يستحب أن يشارك المحب المحتسب بكله في الصلاة علي الحبيب فيرددها بلسانه ويسمعها بأذنه ويراها بعينه ويكتبها بيده ويتفكر في دلالاتها بعقله ويحفظ فيضها بقلبه ويشاهد نورها بروحه ولا يحصر كرم الله.

ومن أدلة التدرج في هذه المنازل حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟ فَقَالَ : مَا شِئْتَ . قَالَ قُلْتُ الرُبُعَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ النِّصْفَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قَالَ قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟ قَالَ : إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ). صدق الحبيب صلى الله عليه وآله.

ومن أعظم الدلالات على ترقي المشتغل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مقامات القرب حديث أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً، صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا) فهل يرى أحد في الإسلام عملاً يؤديه العبد يكون سببا في صلاة الله عليه ورحمته إليه غير هذه الصلاة ؟ ويكفي أن أستاذ القول سيدي الحاج أحمد أبوالحسن رضي الله عنه قال عنها (أخي فهي العبودية).

أعظم بالصلاة على النبي الأعظم صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وسلم وعظم وبارك وكرم إنها لغز متكامل وإنها رمز شامل لم يبدوا لأهل العلم منها الإ ما ظهر من فهم واستقراء العلماء للآيات والأحاديث بأنها عبادة كاملة وعلم غائي شريف وآلة عظيمة تعصم مراعاتها والإشتغال بها المحب من كل شر وتمنحه كل خير وأعظم خيرها أنها تقرب صاحبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.

أذهب بحواسك ظاهرة وباطنة إلى قدس الصلاة على حضرة سيدنا محمد وآله تدرك بالروح في معيتها ما لا يتصوره العقل من أذواق وأشواق وآيات وفيوضات يعطيها رب الأرض والسموات ويقسمها سيد السادات على حسب استقبال المحبين.
إذهب بكلك للصلاة على الحبيب
ينال كـلك عـنـده تحقيـقا
لو غاب بعض عن لقـاه فلن يـرى
برهان حق أو يرى تصديقا
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم وعظم وبارك وكرم.

بقلم الكاتب الصحفي: أحمد حبيب
رئيس تحرير جريدة الاتحاد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *