بقلم الشيخ : محمد رجب أبو تليح اﻷزهري الشاذلي
لقد بشرت التوراة ( العهد القديم ) بالنبي ﷺ رغم كل التحريف الذي تعرضت له ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين نورد هذه النصوص والشرح بين معكوفتين هكذا [ ]
وقد بَقِي من هذه البشارة بقيَّة في التوراة؛ ففي سفر التثنية الإصحاح (17 – 18 – 19) على لسان موسى: قال لي الرب: قد أحسَنوا فيما تكلموا، أُقيم لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمِه، فيُكلمهم بكل ما أوصيه به، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي، أنا أطالبه .
[ النَّص يصف كما ترَون تبشير الله – تعالى – لموسى – عليه السلام – بنبيٍّ سوف يَبعثه من وسط إخوة بني إسرائيل، وأن هذا النبي سيكون مثل موسى، ويُخبر النص أيضًا: أن الذي لا يتبع هذا النبي ولا يسمع لكلامه، فإن الله – تعالى – سوف يعاقبه وإن البشارة تشترط شرطين: الأول أن ذلك النبي من وسط إخوة بني إسرائيل، والثاني أنه مثل موسى.والشرطان السابقان لا ينطبقان إلا على رسول الإسلام ﷺ فهو من أبناء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وأبناء إسرائيل يعقوب هم أبناء إسحاق بن إبراهيم؛ لذلك فالنبي ﷺ من وسط إخوة بني إسرائيل.
والمقصود بهم أبناء عمومتهم من بني إسماعيل . وكذلك فإن موسى عليه السلام ومحمدًا ﷺ كلاهما كان صاحب شريعة جديدة، ورسالة مُستقلة، وبذلك فإن شرط المثليَّة وقرب المكانة بَين ذلك النبي وموسى عليهما السلام مُتحقِّق في النبي ﷺ ولذلك ورَد في القرآن في سورة الأحقاف:
﴿ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ من بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأحقاف: 30].
وهذان الشرطان لا ينطبقان على يوشع بن نون، ولا على المسيح عليهما السلام لأنهما كانا من بني إسرائيل، وليسا من وسط إخوة بني إسرائيل، ولو كان المراد واحدًا منهما، لقيل : (أقيم لهم نبيًّا منهم)، بل لم يكن هناك داعٍ لتحديد من أين يخرج ذلك النبي؛ لأن خروجه من بني إسرائيل هو أمر مألوف لا يحتاج لتوضيح أو تحديد .
وكذلك وُلِد كلٌّ من موسى ومحمد – عليهما السلام نتيجة لحمْلٍ طبيعي وأيضًا جاء موسى عليه السلام من بيت اختص بالخدمة الدينيَّة وهم بنو لاوي، وكذلك جاء محمد ﷺ من بيت اختصَّ بالخِدمة الدينيَّة؛ حيث كان بنو عبد مناف يقومون على الرِّفادة والسِّقاية.
وكذلك تزوج كل من موسى ومحمد – عليهما السلام – قبل تلقِّي الرسالة الإلهية، وكانت لهما ذُرية، كلاهما عدَّد زوجاته بعد الرسالة، وتعرَّض بسبب ذلك للنقد والتجريح، وكان كل من موسى ومحمد – عليهما الصلاة والسلام – رجلَ حربٍ. ]
والكتاب المقدَّس نفسه ينفي أن بني إسرائيل قد قام فيهم نبيٌّ مثل موسى بعده، فقد جاء في سفر التثنية الإصحاح (34 – 5: 11): “فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مواب، حسب قول الرب، ودفنه في الجواء في أرض مواب مقابل بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم، وكان موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات، ولم تكلَّ عينه ولا ذهبَت نَضارته، فبكى بنو إسرائيل موسى في عربات مواب ثلاثين يومًا فكملت أيام بكاء مناحة موسى، ويشوع بن نون كان قد امتلأ روح حِكمة إذ وضع موسى عليه يدَيه، فسمِع له بنو إسرائيل وعمِلوا كما أوصى الربُّ موسى، ولم يقم بعدُ نبي في بني إسرائيل مثل موسى الذي عَرَفه الربُّ وجهًا لوجه في جميع الآيات والعجائب التي أرسله الرب ليعملها في أرض مصر بفرعون، وبجميع عبيده وكل أرضه”.
[ فالكتاب المقدَّس يُخبر كما هو واضح أن بني إسرائيل بعد موسى – عليه السلام – لم يخرج منهم نبيٌّ مثله، فكيف يدَّعي بعد ذلك أهلُ الكتاب أن النبي الذي وصفه الله تعالى بأنه مثل موسى – عليه السلام – قد خرَج من بني إسرائيل؟! وفيه بطلان ادعاء النصارى بأنه عيسى عليه السلام إذ لم تتحقق المثلية فيه بموسى عليه السلام مما ذكر من أحواله ]“وأجعل كلامي في فمه” .
[ ورسول الله ﷺ هو الذي جعل الله كلامه في فمه؛ حيث كان أُميًّا لا يقرأ من المصحَف فهذه بشارة واضحة به ﷺ ]
وللحديث بقية وإلى لقاء إن شاء الله تعالى