بقلم الشيخ : سعد طه
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين :
إن التصوف الإسلامى قد تكلم فيه الكثير من الناس وتبحر فيه الكثير من العلماء وقد تم تعريف التصوف بعدة تعريفات
فمن حيث اللغة :
قدجاءت التعريفات للتصوف لغوياً متباينة بين العلماء
فقد قال إبن الجزرى : يرجع التصوف فى الأصل إلى نسبة الكلمة ” صوفة ” وهو لقب أطلق على رجل جاهلى يسمى ” الغوث بن مر “قد نذرته أمه لخدمة الكعبة فأرهقه حر المكان فقالت حين شاهدته على هذا الحال ما صار إبنى إلا صوفة فتلقفتها أفواه العرب وأطلقوها عليه وعلى طائفة كانت تتولى بعض المناسك
وقد عرفه أبو نصر السراج الطوسى : هم قوم لم يرتموا فى أحضان علم خاص من العلوم لأن جميع العلوم ترجع إليهم ولم يختصوا بحال من الأحوال فجميع الأحوال تتدافع وترا عليهم
أما حديثاً فقد تم تعريف التصوف بعدة تعريفات منها مايوافق قول أبو السراج الطوسى وهو قول الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر السابق رحمه الله تعالى إذ يرى أن التصوف ترجع بنسبتها إلى الصوف ويقول : ” إذا كانت الكلمة تنتسب إلى الصوف فهى كلمة موفقة كل التوفيق “
والذى يوافق كلام بن الجزرى تعريف الدكتور كامل الشيبى الذى ربط بين الغوث بن مر ربيط الكعبة بإعتباره أشبه بالحمل الهدى إلى الكعبة وبين الذبيح إسماعيل عليه السلام بإعتبار أن كل منهما هدياً للكعبة
وأجمل ما قيل فى تعريف التصوف هو قول الإمام الشعراوى رحمه الله فقد قال : الصوفى ” ال ” أسم موصول بمعنى ” الذى ” أى الذى صوفى أى الذى صافى الله فأصطفاه الله
وقد أطنب العلماء فى تعريف التصوف لغوياً فيوجد العديد من التعريفات التى لا تعد ولا تحصى ولكن ذكرنا أقوال العلماء الأكثر شهرة
أما من حيث السلوك :
فهو موجود من لدن أدم عليه السلام والمشهور أن التصوف هو مقام الإحسان وهو ماورد فى الحديث الشريف حين جاء سيدنا جبريل عليه السلام إلى النبى صلى الله عليه وسلم وسأله ما الإحسان فقال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك
حيث أن الإسلام يقوم على ثلاث أمور الإسلام والإيمان والإحسان , فالإحسان جزء من عقيدة المسلم فإذا نظرنا فى اخر الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاكم جبريل يعلمكم أمر دينكم فسمى النبى صلى الله عليه وسلم الإحسان دين كما ورد فى القران الكريم الإحسان فى خمس وتسعين موضعاً ليدل على أهمية هذا المقام
والتصوف له ركنين أساسيين العلم والروح :
العلم : فهو أعلى مقامات التصوف حيث أن أول شىء بدأ الله به تعالى الوحى الإلهى بقوله :
” إقرأ باسم ربك الذى خلق ” ….. إلى قول تعالى ” علم الإنسان مالم يعلم ” ولذالك يقول صلى الله عليه وسلم من ” عمل بما يعلم وَرَّثَه الله تعالى علم ما لم يعلم “
الروح : هو كما جاء فى الحديث السابق عن قول سيدنا جبريل عليه السلام عن الإحسان فهو بمعنى التقرب إلى ما يحبه الله والبعد عن كل ما حرمه الله وهذا معنى قوله تعالى :
” قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا”
وأيضاً حب النبى صلى الله عليه وسلم هو من أعلى المقامات كما جاء فى حديث عبد الله بن هشام رضى الله عنه قال :كُنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو آخِذٌ بيَدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَقالَ له عُمَرُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مِن نَفْسِي، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَا، والَّذي نَفْسِي بيَدِهِ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْكَ مِن نَفْسِكَ، فَقالَ له عُمَرُ: فإنَّه الآنَ، واللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسِي، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الآنَ يا عُمَرُ.
لذالك فإن التصوف هو حب الله ورسوله وإتباعهما وحتى يصل المريد إلى درجة المحبة فإنه يحتاج إلى المجاهدة والسير فى طريق الطاعات فمن ذاق عرف ومن عرف أغترف ومن أغترف أعترف ومن أعترف أدمن ما عرف