المرجفون الجدد

بقلم د/ محمد جاد قحيف

من علماء الأزهر والأوقاف

قال الله تعالى: (لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ، مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا ). الأحزاب ٦١/٦٠.
إن أسوء أنواع النفاق والإرجاف التشكيك في الثوابت ، ومحاربة الدين الإسلامي ، ونشر الفتن باسم حرية الفكر ، وتكوين
المشككين عن طريق المستغربين الذين تربوا على جانب من علوم الغرب، وتشبعوا بها ، ينشرون الكراهية لدين الإسلام وأحكامه الصافية ، ويجيدون تزيف الحقائق ، فيقلبون الحق باطلا والباطل حقا ، ويثيرون معارك كلامية على قضايا سبق البت فيها منذ أمد بعيد، كأنه لا يوجد قضايا تهم الأمة سوى ما يثيرونه من فتن وإرجاف ..
وهم بهذا مقلِّدون لغيرهم من المستشرقين غير المنصفين ، أو من سبقهم من المستغربين وهم نتاج لتلك المدرسة الخبيثة ، مستوردون لأفكارهم..
قال تعالى:﴿ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾.
[البقرة: 118].
وقد أخبر النبي ﷺ عن آمارات واقعنا كأنه ينظر إلى الغيب من وراء حجاب رقيق فيقول : “يخرجُ في آخرِ الزمانِ قومٌ أحداثُ الأسنانِ سفهاءُ الأحلامِ يقرأونَ القرآنَ لا يُجاوزُ تَرَاقِيَهُمْ يقولونَ من قولِ خيرِ البريَّةِ ، يمرقونَ من الدِّينِ كما يَمرُقُ السهمُ من الرَّمِيَّةِ.. ” ..
أخرجه الإمام الترمذي وسنده صحيح..
«سُفَهاءُ الأَحْلامِ» أي: ضُعَفاءُ العُقولِ، «يَقولونَ مِن خَيرِ قَولِ البَريَّةِ» أي :من خيرِ الكلامِ الذي يقرؤونه، وهو القُرآنُ، ولكِنْ لا يُجاوِزُ إيمانُهم حَناجِرَهم، وهو مُنتَهى الحُلقومِ، أي أنَّ الإيمانَ لم يَرسَخْ في قلوبِهم ؛ لأنَّ ما وقف عند الحُلقومِ فلم يتجاوَزْه، لم يَصِلْ إلى القَلبِ. «يَمرُقونَ مِن الدِّينِ كَما يَمرُقُ السَّهمُ مِن الرَّمِيَّةِ»، أي: يَخْرُجونَ مِن مِلَّةِ الإسلامِ سَريعًا، ولا يَتعَلَّقونَ مِنْه بشَيءٍ، مِثْلَ السَّهْمِ القويِّ السَّريعِ الَّذي يَنْفُذُ في الصَّيدِ، ومِن قُوَّتِه وسُرْعتِه لا يكونُ فيه أثَرٌ .(الدرر السنية)
ولا يفتأ سادتهم في الشرق أو الغرب يرسِّخون في أذهان الناس أنَّ الفكر المتحرر من الدين هو الفكر التنويري المتقدم ، المواكب للحضارة، والساعي للرُّقي والنماء والنهضة! ؛ ولهذا كان لابد من دراسة أساليبهم المعلنة والخفية في تغريب الأمة كلها ، والمرأة بوجه خاص ؛ لنبتعد عن هذا الشر وهذا الوباء الذي ينذر بكارثة عظيمة على أمتنا ..
كما أنهم يسخرون من أحكام الدين وأخلاقه، بدعوى أنها تقيد الحريات الفردية، فهم يريدون أن يعيشوا في هذه الدنيا كما يشاؤون ويشتهون، وكما تملى عليهم أهواؤهم وتميل إليه شهواتهم ..
قال تعالى ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ النساء/٢٧.
وهذا ناقوس خطر كبير محدق بهذه الأمة ، يعمل على تغريب أفكارها ومعتقداتها وإبعادها عن دينها .
وختاماً :
فنحن كمسلمين مطالبون ليس فقط بالتصدي لمحاولات التغريب لمجتمعاتنا ، ولكن مطالبون أيضاً بنشر تعاليم الدين وتطبيقه في واقع الحياة
بالحجة والبرهان والبيان ..
والتعرف على هذه الفئة وعلى أساليبها وطرقها في محاربة الأمة ومحاولتها تقويض دعائم الإسلام ،
ونحن كمسلمين مطالبون كذلك باليقظة والحذر ، ونشر الوعي بين العامة والشباب خاصة ، والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهما وقولا وعملا، واتباع الثقات من العلماء المتخصصين..
يقول النبي ﷺ موصيا أمته بعد مماته إلى يوم القيامة بالتزام الكتاب والسنة ، ففيهما الخير والنجاة :” إنِّي قد خلَّفْتُ فيكم شيئَيْنِ لن تَضِلُّوا بعدَهما أبدًا ما أخَذْتُم بهما، أو عمِلْتُم بهما: كتابَ اللهِ، وسُنَّتي، [ولن] يتفرَّقَا حتَّى يَرِدَا علَيَّ الحوضَ”.
كتابُ اللهِ وسُنَّةُ نَبيِّه هما الأصلانِ اللَّذانِ لا عُدولَ عنهما، ولا هدْيَ إلَّا منهما، والعِصمةُ والنَّجاةُ لمَن تمسَّكَ بهما، واعتصَمَ بحَبْلِهما. الدرر السنية ..
وكل من يملك البيان عليه مسئولية على قدر طاقته واستطاعته عملا بقول الله جل جلاله:”إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب”
وقد أحسن الأزهر الشريف وإمامه الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عزمه إنشاء موقع بيان للرد على ما يثار حول الإسلام من شبهات ونتمنى المزيد
نسأل الله أن يحفظ بلدنا مصر وأزهرها الشريف وشبابها ونسائها ..
وسائر بلاد المسلمين من الزيغ والضلال وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم وان يرزقنا جميعا العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *