في الثامن عشر من شهر ذي الحجة، وعلى مشارف نهاية رحلة النبي ﷺ المباركة في حجة الوداع، وقف التاريخ شاهدًا على موقف جليل في موضع يُعرف بـ “غدير خم”، بين مكة والمدينة، حيث جمع رسول الله ﷺ جموع الحجيج، ليُبلغهم بأمر عظيم.
قصة الغدير
بعد أداء مناسك الحج، وفي طريق العودة، نزل الوحي على النبي ﷺ في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: 67]
فأمر النبي ﷺ أن تُردّ القوافل، ويُمهَل من تأخّر، حتى اجتمع الناس في صحراء “غدير خم”، تحت شدة الحر، فصعد النبي ﷺ على منبر من أحداج الإبل، وخطب خطبة عظيمة..
حديث صحيح رواه الترمذي وغيره من كتب السنن ويقول ابن حجر الهيتمي كذلك ” إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه جماعة – كالترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة جدا
الحديث كما ورد في “سنن النسائي”
روى زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:
“لما رجع رسول الله ﷺ من حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن، ثم قال: كأني قد دعيت فأجبت، وإني قد تركت فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. ثم قال: إن الله مولاي، وأنا مولى كل مؤمن. ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه.” [سنن النسائي الكبرى، رقم 8467]
فكان هذا الإعلان جامعًا بين الوصية بالتمسك بالكتاب الكريم وأهل بيت النبي ﷺ، وبين رفع مكانة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النفوس، بمحبةٍ ونصرةٍ وولاءٍ لا يشوبها خصام. الإمام عليّ بن أبي طالب ليس مجرد صحابي، بل هو مدرسة في الفقه والقيادة، والبلاغة، والعدل، والإيمان. نحبه ونجله ، ونسأل الله أن يجمعنا به في جنات النعيم، في صحبة رسول الله ﷺ. رجل اجتمعت فيه خصال العلم، والشجاعة، والزهد، والعدل. قال فيه النبي ﷺ: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي صحيح البخاري
خاتمة
إن يوم الغدير يظل صفحة مشرقة من صفحات السيرة النبوية، يذكرنا بمكانة الإمام علي، ومحبته للنبي ﷺ ومحبته للنّاس، ويجسّد معاني الوفاء والمودّة بين القلوب المؤمنة. ولنا في سيرة عليّ أسوة حسنة في الشجاعة، والحكمة، والعدل، والعلم، والولاء الصادق لدين الله ورسوله.