راحتك فين؟!.. الطريق إلى طمأنينة القلب وهدوء النفس بمنهج القرآن وأقوال الصالحين”
2 يونيو، 2025
منبر الدعاة

بقلم فضيلة الشيخ : ايهاب توفيق عبد الفتاح
( امام وخطيب بالاسكندرية )
المقدمة:
هل شعرت يومًا بأنك تفعل كل شيء ولا تشعر بالراحة؟
هل تساءلت: ليه رغم الصلاة والصيام.. قلبي لسه مهموم؟
كتير مننا بيدوّر على راحة البال وسط ضجيج الحياة، ومايعرفش إن الراحة مش برّه، دي جواك، بس الطريق ليها محتاج مفتاح.
قال الله تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ (طه: 123)
وقال الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: “إذا أردت أن تجد الراحة فسلّم، وإذا أردت أن ترى النور فأغمض عينيك عن الدنيا.”
أولًا: من فين بييجي فقدان الراحة؟
قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ (طه: 124)
يعني لما تبعد عن ربك، حتى لو الدنيا كلها حواليك، هتحس بضيق.
وقال الإمام ابن عطاء الله السكندري في حكمه: “ما نفع القلب شيء مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة.”
يعني أوقات الراحة مش في الضجيج.. الراحة في خلوة بينك وبين ربك، مش بينك وبين الناس.
وكتير مننا بيسيب نفسه للهموم
بدون ما يرجع للي خلق القلب وخلق له العلاج.
ثانيًا: راحة البال في القرآن مش خيال!
قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد: 28)
وقال الإمام الجنيد رحمه الله: “الراحة كل الراحة في قلب انشغل بالله ولم يُفتن بمن سواه.”
يعني الذكر مش مجرد تسبيح.. ده غذاء، ده دواء، ده أوكسجين روحك.
ولذلك قال النبي ﷺ: “مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت.”(رواه البخاري)
ثالثًا: لو قلبك مهموم.. ارجع للي خلقه
في كل ضيق، ربنا فاتح لك باب، بس المشكلة إننا بنروح لأبواب الدنيا.
قال الله تعالى: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ﴾ (يوسف: 18)
يعني الصبر الجميل اللي مفيهوش شكوى للبشر، ومعاه استعانة برب البشر.
وكان الإمام عبد القادر الجيلاني يقول: “إذا ضاق صدرك، فقل: الله.. فإن ذكره يُسعِد قلبك قبل أن يُغير حالك.”
فالراحة مش بس في تبدُّل الظروف، بل في اتصالك برب الظروف.
رابعًا: اللي ذاقوا الراحة.. قالوا لنا الطريق
واحد من الصالحين كان يقول: “ما وجدت راحة إلا في موضعين: تحت شجرة أذكر الله، أو في سجدة لا يعلم بها أحد.”
وقال الإمام الرافعي الشافعي: “إذا سجد القلب، استقامت النفس، وإن قامت الجوارح وسجد القلب غائب، فكلها حركات بلا روح.”
ده معناه إن الصلاة الحقيقية تفتح لك باب الراحة لو كنت فيها حاضر القلب.
خامسًا: خطوات عملية.. ترجع لك الراحة
1. اذكر الله بصوت مسموع يخاطب قلبك
زي ما قال سيدنا ﷺ: “لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله.”
2. خد خلوة قصيرة يوميًا، حتى لو 10 دقايق
الإمام الشاذلي قال: “من لم تكن له أوراد، فهو قرد في صورة إنسان.”
يعني إزاي تعيش من غير غذاء روحك؟
3. اقرأ القرآن مش بسرعة، بصوتك، وحاول تحس كل آية
قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ﴾ (الإسراء: 82)
4. صاحب أهل الذكر والقلوب الطيبة
“المرء على دين خليله”
وقال الإمام الغزالي: “إذا صادقت أهل القلوب، شرح الله صدرك ولو كنت في هم.”
5. ردّد: “رضيتُ بالله ربًا” كل يوم 100 مرة بقلبك مش بس بلسانك
دعاء ختامي
اللهم يا مفرّج الهم، ويا باعث السكينة، ويا واهب الراحة.. اجعل لنا في قلوبنا نورًا، وفي نفوسنا طمأنينة، وفي صدورنا سعة، واجعلنا من الذاكرين، الراضين، المطمئنين، الذين لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزنوا، لأنك أنت معهم، وبك استراحوا. آميين
الختام:
لو قلبك تعِب.. ما تروحش للناس، ارجع للي خلقه،
لو نفسك مش مرتاحة.. ما تدورش في الفاضي، دور جواك،
الطريق للراحة موجود، بس محتاج خطوة صدق..
خطوة لربك، مش خطوة للناس