بقلم الدكتور : محمد لطفي الحسني شيخ الطريقة القادرية البريفكانية في مصر
مَدْخَلُ المحبة:
إذا تحدَّث الحبيب المصطفى ﷺ عن أهل بيته، فإنما ينطِقُ عن نورٍ مودَع في الأرواح، لا عن نسبٍ يُحفظ في السجلات، وإن كان النسبُ الشريف لهم تاجًا على رؤوس المؤمنين.
فكلماته ﷺ عن سيدتنا فاطمة وسيدنا الحسين رضي الله عنهما ليست كلماتٍ عابرة، بل مفاتيحُ لأبوابٍ من السرّ، تُفتح في قلوب العارفين، وتُضيء سُبُلَ السالكين إلى بحر المحبة الإلهية.
الحديثان الشريفان:
1. قال سيدنا رسول الله ﷺ في سيدتنا فاطمة رضي الله عنها:
” إِنَّمَا فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي يَرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا ” رواه النسائي في السنن الكبرى (8312)
وقال سيدنا رسول الله ﷺ: ” فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي”
رواه البخاري في صحيحه (3510)
2. قال سيدنا رسول الله ﷺ في سيدنا الحسين رضي الله عنه: ” حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ”
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (807)، والترمذي (3775)، وابن ماجه (144)، وأحمد (17111)، وغيرهم.
أولًا: سيدتنا فاطمة رضي الله عنها… بضعةٌ من النور
قوله ﷺ: فاطمة بضعةٌ مني” يفيضُ بيانًا عن كونها جزءًا من كيانه الجسدي والروحي والنوري، فهي من نوره ﷺ قبل أن تكون من دمه، وهي ثمرةُ قلبه، ونبتةُ نوره، وسيدةُ نساء أهل الجنة، ومجلى النور النبوي في بيت الرسالة.
فهي بضعةٌ:
* في الطينة: طُهرت في رحم الطهر، وحُمِلت في زمن النبوة.
* في الخُلُق: كانت إذا دخلت عليه قام لها وقبّلها، وقام بمقام الشرف لها.
* في الأثر: امتد نورها في ذريتها، فكانت أمَّ سيدي شباب أهل الجنة.
وقوله ﷺ: “يُريبني ما أرابها” دليلٌ على أن وجدانها من وجدانه، ورضاها من رضاه، فلا تؤذى وهي بضعةُ الروح، بل يُؤذى المصطفى ﷺ.
ولذلك فإن سيدتنا فاطمة رضي الله عنها كانت ( مرآةَ الرحمة النبوية الكاملة)، تُجسِّد أنوثةَ النور، وتُفيض عطرًا من الحنان الرباني المختوم بمسك النبوة.
ثانيًا: سيدنا الحسين رضي الله عنه… مِنِّي وأنا منه
في قول النبي ﷺ: “الحسين مني وأنا من الحسين”، يُفتَح بابٌ من الإشراق لا تُحيط به العقول إلا إذا شربت من كأس المحبة الصافية.
“الحسين مني”:
* هو من سُلالتي ونوري، وهو ريحانتي في الدنيا، وهو الدم الذي يجري في شرايين رسالتي.
* نشأ في حضن الوحي، وسُقي بحليب التقوى، وربّاه نورُ سيدتنا فاطمة وسيدنا علي رضي الله عنهما.
“وأنا من الحسين”:
هذه العبارة مدهشة، كيف يكون الأصل من الفرع؟