بقلم فضيلة الشيخ : أحمد عزت
الباحث فى الشريعة الاسلامية
٦- وبعد تولي السلطان سليم الثاني الخلافة أجريت العمارة الأولى للمسجد الحرام بعد زوال دولة المماليك وذلك عام ٩٧٩هـ / ١٦٧١م، حينما وصلت إليه الأخبار (أي سليم الثاني) بأن باب الرواق الشرقي من المسجد مال ميلًا عظيما نحو الكعبة المشرفة بحيث برزت رؤوس خشب السقف منه عن محل تركيبها في جدار المسجد، حيث صدر أمر السلطان بسرعة عمارة المسجد الحَرَام، حيث جدد سقف الأروقة الأربعة للمسجد الحرام، كما تم عمل سقفه من القباب بدلا من السقف المسطح المصنوع من الخشب.
– أما بالنسبة للأساطين قبل عمارة السلطان سليم الثاني فكانت مبنية على نسق واحد في جميع الأروقة ولكن ظهر لهم أن هذا الوضع المعماري لا يستطيع أن يقوى على تركيب القبب عليها بسبب قلة استحكامها وعدم قدرتها على تحمل القبب التي لا ترتكز إلا على أربعة أساطين قوية التحمل، لذلك فكروا في إدخال دعامات أخرى بين أساطين الرخام الأبيض، وفي عهد ابنه السلطان مراد الثالث أمر باستمرار العمل بعد وفاة والده، فاستمر العمل حتى تم الانتهاء من عمارة الجانبين الجنوبي والغربي من المسجد وذلك في سنة ٩٨٤هـ/ ١٥٧٦م، كما تم تبييض جميع الأروقة، حيث استغرقت عملية الهدم والبناء أربع سنوات، وبعد توسعة سليم الثاني وابنه مراد الثالث أصبحت مساحة المسجد الحرام ٢٨٠٠٣ م٢، حيث أصبح المسجد الحرام نزهة للناظرين كإرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد على حد قول النهروالي.
وفي عهد السلطان أحمد الأول، حدث تصدع في جدران الكعبة وكذلك في جدار الحجر، وكان من رأي السلطان أحمد هدم بناء الكعبة وإعادة بنائها من جديد لكن علماء الروم (أي الأتراك) منعوه من ذلك، أما المهندسين فأشاروا عليه بدلا من ذلك بعمل نطاقين من النحاس الأصفر المطلي بالذهب واحد علوي وآخر سفلي، ورغم ذلك لم تصمد الكعبة طويلا وتهدمت جدرانها عقب أمطار غزيرة عام ١٠٣٩هـ فأمر السلطان مراد الرابع بتجديدها على أيدي مهندسين مصريين عام ١٠٤٠هـ حيث تم إصلاح وترميم المسجد بأكمله وفرشت أرضه بالحصى،
وفي سنة ١٠٤٥هـ/ ١٦٣٥م تم فرش المسجد بالحصباء وأصلحت المماشي، أما في عهد السلطان محمد الرابع تم إصلاح وترميم المنائر السبع، كما أمر بزيادة مساحة حاشية المطاف وتم فرشها بالحجارة المنحوتة وذلك عام ١٠٧٢ هـ – ١٦٦١م.
وفي سنة ١١١٢هـ – ١٧٠٠م أمر السلطان مصطفى الثاني بعمارة المسجد، حيث أجريت فيه ترميمات واسعة شملت أطراف المسجد، وعمرت المماشي، وطبطاب في باب الزيادة، والرفرف الذي على باب السلام فتم تجديده بأخشاب جديدة، ورممت المنارات، وفي عهد السلطان أحمد الثالث تم ترميم المسجد وفرش بعض نواحي باب السلام بالحجارة، وأزيل ما في المسجد من الطبطاب، وفرش بالحجارة المنحوتة وذلك سنة ١١٣٤ هـ – ١٧٢١م، أما في عهد السلطان عبد الحميد الأول فقد تم ترميم مئذنة باب العمرة، وأحدثت أرصفة تتخلل حصوات المسجد، تبدأ من صحن المطاف وتتجه إلى باب السلام، وباب علي، وباب الصفا، وباب إبراهيم، وباب العمرة حتى لا يسبب مرور القاصدين المطاف من هذه الأبواب أي تخط للمصلين في الحصوات، كما تم تجديد بعض القبب وقواعد الأعمدة في بعض أروقة المسجد.
وفي عهد السلطان محمود الثاني تم تعمير وترميم المسجد، حيث قام والي مصر محمد علي باشا سنة ١٢٢٩ هـ/١٨١٤م بإرسال المهمات والمواد اللازمة لعمارة المسجد الحرام، حيث تم ترميم وتجديد سطح المسجد، وفي سنة ١٢٥٧هـ – ١٨٤١م أمر السلطان عبد المجيد الأول بمجموعة من الإصلاحات بالمسجد، شملت بعض الأعمدة والمماشي، وزيادة ممشى باب الصفا، كما تم تبييض جميع المسجد الحَرَام. وفي سنة ١٢٦٦هـ/ ١٨٥٠م أمر السلطان عبد المجيد الأول بإجراء إصلاحات عامة في المسجد، وتم خلالها رصف الردهة الداخلية لباب السلام بالمرمر.
وفي سنة ١٣٣٤هـ/ ١٩١٥م، أمر السلطان محمد الخامس بعمارة وإصلاح جميع الأضرار التي تعرض لها المسجد بسبب السيل المعروف باسم سيل الخديوي، نسبه إلى خديوي مصر عباس حلمي الثاني الذي حج في سنة ١٣٢٧هـ – ١٩٠٩م وهي نفس السنة التي حدث فيها السيل. وبسبب الحرب العالمية الأولى وقيام الثورة العربية الكبرى تم وقف العمل بترميم المسجد الحرام.