مانزل بلاء إلا بذنب ومارفع إلا بتوبة
14 أبريل، 2025
منبر الدعاة

بقلم الداعية الشيخ : أحمد صقر
الحمد لله وحده ، والصلاه والسلام على من لا نبي بعده
وبعد.
لما انقطع الماء من السماء ، وجف الماء والضرع وذهب الخير وجاع الناس ، وكانوا سبعون الفا ، ذهبوا الى كليم الله موسى عليه السلام واشتكوا قلة الخير وانقطاع السماء ، فهكذا اعتاد البشر دائما ما بين حين واخر إن تجرعوا شيئا من البلاء والشدة و الخوف ، ”ابتلاء او بلاء” ، لجأوا الى الصالحين من اقوامهم ليدعون لهم الله رفع البلاء ، او ذهبوا الى انبيائهم ان حضروهم.
فالابتلاء بمعنى الاختبار
يدعو الى الصبر والاحتساب والتقرب الى الله بالدعاء والصلاة
قال تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍۢ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍۢ مِّنَ ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ ۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ } البقرة 155
وينقضي الابتلاء عند بلوغ الناس درجة الرضا والصبر الجميل وهؤلاء ختمت في حقهم قول الله تعالى {وبشر الصابرين} لان الابتلاء دائما ينزل على أهل الإيمان ليرتقوا آلى درجات القرب والرضا .
اما البلاء
فهو عقوبة ونقمة من الله تعالى على خلقه بسبب شؤم المعاصي والاثام والاصرار على مبارزة الواحد القهار بالذنوب والفسوق ، والحيد عن صراط الله تعالى المستقيم ، ولان الاصرار على الذنب اشد قبحا واعظم جرأة على الله تعالى
كان ذلك داعيا وموجبا لنزول البلواء تتبعها البلواء حتى يشتد الامر ويترنح الناس من شده ما يعيشونه ما بين فقر وأوبئة وبطش المتجبرين والتيه بين كل ذلك وهم يتجرعون اشد كاسات الالم والتنكيل والعذاب ، ولم تجد الا كائنات من البشر يتمايلون من شدة ما يلاقون كأنهم يترقصون
حتى كانهم يبتطشون على وجوههم او يخرون على ظهورهم من شده ما يعيشونه من عذاب الله فيكثر الهرج والمرج الخ ، وكلما أصر الناس على الحيد والنشوز عن الحق كلما كان البلاء اعظم ، واعظم البلاء ان يسلط الله تعالى عليهم احقر واجبن خلقه واضعفهم ، ان يسلط الله تعالى عليهم من حاربهم بالقمل والجراد والدم والضفادع والذل والمسكنة ونحوه ليعذبهم باقل واضعف واحقر جنود الله ، وهكذا يسلط على هذه الامة من هم ابناء قرده وخنازير ليسوموهم اشد العذاب بعد ان كان اعز الامم واكرمها على الله بعد ان جعل كل الدنيا تحت امرتهم في حقب من الزمان ليس بقليلة ، فهل هناك عقاب اشد من ذلك ، فهل هناك عقاب اعظم من ان يرى المسلم مقدساته وحرماته وشرف امته تنتهك ولا يتحرك له شعرة من جفن ، ما اشده من عقاب ؟!!
نعم هذا هو البلاء الحقيقي ولا مردّ لقدر الله ورفع البلاء حتى يستفيق المذنبون. وبديهيا ان ذلك العاصي المحارب لله ما زال راقدا في سُكْره ، يحتاج الى من يعينه على رفع بلواه .
وهنا يظهر قيمة وقدر العلماء والاولياء ليرشدوا الناس الى طرق وطوق النجاة ، ولذلك توجه وذهب الناس الى موسى عليه السلام يشكون الفقر والقحط ، فخرج بهم الى الصحراء وصعد على صخرة ودعى الله وشكى اليه الحاجة فاخبره الله ان بينكم رجل يبارزني بالذنوب والمعاصي منذ 20 عاما وبه منعتكم الخير وقطر الماء فمُرهُ ان يخرج من بين اظهركم لينزل عليكم الخير ، فقال موسى يا رب كيف انادي فيهم وهم سبعون الفا وصوتي ضعيف ، قال عليك النداء علينا البلاغ ، وكأن الله تعالى يعطي درسا للبشرية ان ما على العلماء والدعاة غير تذكير الناس وترشيدهم بالله ، وتنوير الطريق لهم ودعوتهم للخير والصلاح والبلاغ ، واما الهداية على الله وبيده وحده هداية القلوب واستقامة الارواح ومن ثم بسبب تلك الدعوة والتذكرة يهتدي ولو قليل من خلق الله فيُرفع البلاء من الارض بسبب تلك الدعوة ، (عليك النداء وعلينا البلاغ)
فنادى موسى في قومه ، يا من تبارز الله بالذنوب والمعاصي منذ 20 عاما اخرج من بين اظهرنا فإنا منعنا قطر الماء بشؤم معصيتك ، لكن ينظر الرجل العاصي يمينا وشمالا لعله يجد من يخرج وكأنه يرمي بجريمته على غيره ولعله يجد من يتحمل تلك المسؤولية ، وهكذا حالنا يبحث كل منا من يتحمل عنه عبء مخالفاته ، لكن لم يخرج احد فعرف انه المقصود وحده ، فتتجلى انوار الله تعالى بالهداية على قلبه ، ”لربما بسبب انه لم يجاهر بمعصيته” فوضع راسه في ثوبه وهو يبكي ويقول يا ربي لو خرجت لفُضحت ولو مكثت مكاني منعتهم القطر بشؤم معصيتي فتاب ورجع ،فاذا بالماء ينزل من السماء كافواه القرب ، فتعجب موسى وقال يا رب نزل الماء ولم يخرج احد ، قال الله له اني قد انزلت عليكم الماء بمن منعتكم به ، وقد تاب ورجع ، قال يا رب ارني ذلك العبد التائب ، قال يا موسى سترته 20 عاما وهو يبارزني بالذنوب والمعاصي وافضحه بعد ان تاب ورجع ؟!!
ولنا هنا وقفة
فلو خرج نبينا صلى الله عليه وسلم ونادى فينا ايها المسلمون ان ما يقع عليكم من الامراض والاسقام والفقر والذل والمهانة وتسلط احقر البشر واجبنهم ، وكل ذلك وغيره بسبب شؤم معصية عاصيكم فليخرج كل مذنب وعاصٍ من بيننا ليرفع الله عنا ذلك البلاء .
فبالله من يخرج ومن يبقى من الناس ؟؟!