قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ.” (رواه البخاري)
في زحام الحياة وتسارع إيقاعها، يغفل كثيرون عن أعظم ما يملكون: الصحة. تلك النعمة التي لا يشعر الإنسان بقيمتها إلا حين يفتقدها. والصحة ليست مجرد خلو الجسد من المرض، بل هي حالة من التوازن الجسدي والنفسي والروحي، تمكِّن الإنسان من أداء واجباته الدينية والدنيوية على أكمل وجه. فالعقل السليم لا يكون إلا في جسدٍ سليم، وكلما حافظ المرء على بدنه، استطاع أن يعبد ربه، ويخدم مجتمعه، ويسعى في تحقيق أهدافه.
وقد أولى الإسلام عنايةً عظيمة بصحة الإنسان، فجعل من النظافة عبادة، ومن الاعتدال في الطعام والشراب سُنّة، وحثّ على الحركة والنشاط، ونهى عن كل ما يضرّ الجسد أو يُضعفه. قال تعالى: “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين.” [الأعراف: 31]
نصائح للحفاظ على نعمة الصحة:
1. الاعتدال في الطعام والشراب: فالشره والإفراط من أهم أسباب الأمراض المزمنة.
2. النوم المنتظم: للنوم دور محوري في تجديد نشاط الجسم والذهن.
3. ممارسة الرياضة: ولو بالمشي اليومي، فهي تُحسِّن صحة القلب والعظام وتخفف التوتر.
4. العناية بالصحة النفسية: ومن أعظم وسائلها في الإسلام الذكر، والصلاة، والتوكل على الله، وصحبة الصالحين.
5. الابتعاد عن العادات الضارة: كالتدخين والسهر المفرط وإدمان الأجهزة.
واجبنا تجاه المرضى… مسؤولية إنسانية ودينية
إن كانت الصحة نعمة، فالمرض ابتلاء يستوجب الرحمة والدعم. من واجبنا أن نكون عونًا للمرضى، نخفف عنهم آلامهم، ونقف إلى جانبهم نفسيًا ومعنويًا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من نفّس عن مؤمن كربةً من كُرَب الدنيا، نفّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة.” فلنكن دائمًا عونًا لأخوتنا المرضى، سواء بالدعاء، أو بالزيارة، أو بأي مساعدة ممكنة.
شكر نعمة الصحة… عبادة قلبية وسلوك عملي
فكما أن الصحة نعمة، فإن شكر النعمة واجب. قال الله تعالى: “لئن شكرتم لأزيدنكم.” [إبراهيم: 7] وشكر نعمة الصحة لا يكون بالكلام فقط، بل بالفعل أيضًا: بحسن استخدامها، والحرص على الحفاظ عليها، وعدم تضييعها فيما لا ينفع.
فكم من أناسٍ حُرموا الصحة فتمنوا لو عاد بهم الزمن للحظاتٍ يستغلونها في طاعةٍ أو عملٍ نافع! فلنحمد الله على هذه النعمة الغالية، ولنجعل شكرنا له دافعًا دائمًا للعناية بأجسادنا ونفوسنا، فهي رأس مالنا الحقيقي في الدنيا، وزادنا للآخرة.