الفاتح يكتب : علم العليم وعقلُ العاقل (ائتلَفا)

بقلم الدكتور : الفاتح محمد

كثيرا ما يردد الناس الأبيات المشهورة “علم العليم وعقل العاقل اختلفا…” إلخ. وفيها مفاضلة بين العلم والعقل، ثم انتصار للعلم على العقل، واستدلال بأن الله سبحانه وتعالى اتصف بالعلم فى القرآن الكريم.

وقد تأملت فى هذه الأبيات قبل سنوات عديدة، واستغربت لهذا الاستدلال، مع أن الله عز وجل كما وصف نفسه بالعلم فقد وصف نفسه بالحكمة.

وأحيانا يكون الإشكال فى توهم وجود إشكال…
وكثيرا ما يأتى الخطأ من تخيل وجود تعارض بين أمرين ليسا مختلفين؛ فالاختلاف شيء والتعارض شيء آخر.

فى مسألة العلم والعقل، العلم وحده بدون عقل لا يستقيم، والعقل بدون علم يؤدى إلى المهالك.

وجود المعلومات وتوافرها أمر ضرورى، ولكن المعلومات بدون عقل معناه أن صاحبها يحمل فلاشة أو هارد فى جمجمته.

والعقل بدون علم يقود إلى الأغاليط، بناء على تصورات وأقيسة غير صحيحة.

فالعقل دوره يقوم على تحليل المعلومات ونقدها والربط بينها والقياس والاستنباط والإبداع…إلخ

وكل هذه العمليات لا تحصل بدون وجود المعلومات.

فالعلم والعقل يتكاملان، ولا يتعارضان. وكل إنسان قد يزيد عنده أحدهما على الآخر؛ وقد وُصِف الخليل بن أحمد وغيره بأن عقلَه أكبر من علمه، هذا مع سعة علم الخليل.
وقد وُصِف ابن المقفع بأن علمَه أكبر من عقله، مع رجاحة عقل ابن المقفع.

وقد أورد الإمام الغزالى فى الإحياء مثالا فيه الخلاصة فى هذه المسألة، وهى أن العلم يشبه ضوء الشمس، والعقل يشبه نور البصر؛ ولا تتحقق الرؤية إلا بهما معًا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *