الذكاء الاصطناعي في النشاط البحثي والأكاديمي

بقلم المستشار الدكتور : محمد فهمي رشاد منصور
مدرس التفسير وأصول الفقه بجامعة القصر الدولية بدولة ليبيا 

أولًا: التحديات الرئيسية لتبنّي الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد
1. الأخلاقيات والخصوصية

يستلزم الذكاء الاصطناعي التعامل مع كميات هائلة من البيانات الشخصية والمالية. ويثير هذا الأمر جملة من التساؤلات الأخلاقية حول:

حماية البيانات: تزداد المخاوف بشأن اختراق المعلومات أو إساءة استخدامها، ممّا يتطلّب تأسيس تشريعات واضحة وقوية لحماية خصوصية الأفراد والمؤسسات.
شفافية الخوارزميات: هناك حاجة للكشف عن كيفية عمل خوارزميات التعلّم الآلي، بما يضمن نزاهة القرارات المبنية على مخرجاتها.
2. تحيّز الخوارزميات

يمكن أن تعاني النماذج التنبؤية والأنظمة الذكية من التحيّز إذا كانت البيانات الأساسية غير متوازنة أو تمثّل مجتمعًا محدودًا. وينعكس ذلك على:

القرارات الائتمانية: قد يتم حرمان مجموعات معيّنة من الحصول على قروض أو خدمات مالية بناءً على نماذج متحيّزة.

إهمال الاقتصادات النامية: غالبًا ما تتركّز البيانات حول الأسواق الكبرى أو الدول المتقدمة، مما يؤثر على دقة التنبؤ في الدول التي تفتقر إلى البيانات الشاملة.
3. الفجوة الرقمية

لا تزال هناك دول ومناطق تفتقر إلى البنية التحتية التقنية اللازمة لتبنّي حلول الذكاء الاصطناعي في الأبحاث الاقتصادية. يشمل ذلك:

قصور الاتصال بالإنترنت والبنية السحابية، مما يحدّ من قدرات جمع وتحليل البيانات الضخمة.

نقص الكفاءات المؤهلة: إذ تواجه هذه الدول فجوة في الموارد البشرية القادرة على تصميم وتشغيل النماذج المتقدمة.
4. التكيّف مع التطوّر السريع

تتطوّر تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعة هائلة، ممّا يفرض تحدّيًا على الجامعات والمؤسسات البحثية في:

تحديث المناهج باستمرار لمواكبة الخوارزميات والأدوات الجديدة.
تدريب الأساتذة والباحثين على التقنيات المبتكرة، وتخصيص موارد مالية كافية لدعم أنشطة البحث والتطوير.
ثانيًا: آفاق المستقبل للذكاء الاصطناعي في البحث الاقتصادي

1. التكامل بين التخصصات المختلفة

من المتوقع أن يزداد التعاون بين علماء الاقتصاد وخبراء الحاسوب والرياضيّات والإحصاء، لتطوير خوارزميات وأدوات تحليلية مبتكرة. سيفتح هذا الباب أمام:

نظريات اقتصادية جديدة تستند إلى التحليل الدقيق للبيانات الضخمة والنماذج التنبؤية.

استحداث وظائف تتطلب مزيجًا من المهارات، مثل خبير بيانات اقتصادي (Economic Data Scientist).

2. تطوّر التطبيقات الحقيقية في الأسواق

مع استمرار نمو قدرات الحوسبة السحابية وخوارزميات التعلّم العميق (Deep Learning)، ستصبح النماذج الذكية أكثر دقة وقدرةً على التنبؤ بالاضطرابات الاقتصادية، مما يمهّد:

لتحسين إدارة المخاطر المالية عبر استشراف الأزمات المصرفية مبكرًا.
لرصد سلوك المستهلك والأسواق في الزمن الفعلي، بما يساعد على تطوير منتجات وخدمات تتناسب مع احتياجات المستخدمين.
3. تعزيز الشفافية واتخاذ القرارات المبنية على البيانات

من المرجّح أن تفرض السلطات التنظيمية المزيد من المتطلّبات بشأن توثيق عملية اتخاذ القرار بواسطة الذكاء الاصطناعي. وبذلك:

يتعمّق فهم صناع القرار لكيفية تأثير التنبؤات على الخطوات الاستراتيجية، كالسياسات النقدية أو قرارات الاستثمار.
تزداد ثقة المستثمرين والجمهور في الأساليب المعتمدة على البيانات، مع تراجع مخاوف التحيّز والغموض.
4. تطوير حلول مجتمعية

يُنتظر أن تُستَخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لحل مشكلات اقتصادية أوسع، مثل:

القضاء على الفقر عبر رصد المناطق الأكثر احتياجًا وتوجيه الموارد بصورة أدقّ.
تحسين إدارة سلاسل الإمداد بما يضمن استقرار الأسعار وتقليل الهدر الغذائي العالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *