التعليق على موضوع شهادات الماجستير والدكتوراه في الأكاديميات الإسلامية
30 يناير، 2025
العلم والعلماء

بقلم الدكتور الشيخ / محمد سعيد صبحي السلمو ( الأزهرى البابي الحلبي )
التعليق على موضوع شهادات الماجستير والدكتوراه في الأكاديميات الإسلامية:
يُطرح هنا مقارنة بين الأكاديميات الإسلامية الأشعرية والجامعات الوهابية ، وتحديدًا حول المحتوى العلمي الذي يتم تدريسه في شهادات الماجستير والدكتوراه في كلا النظامين، مع التركيز على الشمولية و الفائدة التي تقدمها هذه المناهج للطلاب والمجتمع.
1. الأكاديميات الإسلامية الأشعرية:
الأكاديميات التي تتبع الفكر الأشعري ، مثل الأزهر الشريف وغيره من الجامعات التقليدية، تعتبر حاضنات علميةثرية ومتنوعة.
تتميز برامج الماجستير والدكتوراه في هذه الأكاديميات بالعديد من المواضيع الشمولية التي تواكب العصر وتتناول القضايا المعاصرة بشكل منهجي وعلمي.
من أبرز هذه المواضيع:
– دراسات فقهية مقارنة: حيث يتم دراسة المذاهب الأربعة (بالتفصيل)، مع التركيز على الفروقات الدقيقة بين كل مذهب ورؤيته للأحكام الشرعية.
– دراسات علمية اجتماعية: مثل دراسة ( الشريعة و الفقه الإسلامي المعاصر)، حيث يتم تناول قضايا مثل (الاقتصاد الإسلامي)، و (القوانين الدولية)، و (حقوق الإنسان من منظور إسلامي).
– دراسات لاهوتية مقارنة: مثل دراسة العقائد الإسلامية مقارنةً بالأديان السماوية الأخرى، بما يساهم في الحوار بين الأديان والتعايش السلمي.
– دراسات فلسفية وعقلية: تتميز الأكاديميات الأشعرية بتركيزها على ( العقلانية )، حيث يتم دراسة (فلسفة العلم و المنطق) ، بالإضافة إلى النقد العقلاني للمذاهب المختلفة، وتطوير الفكر الديني في مواجهة التحديات الفكرية التي تطرأ على المجتمعات الإسلامية.
الهدف من هذه المناهج هو توسيع الأفق و تعميق الفهم لدى الطلاب في القضايا العصرية والتحديات الفكرية، بحيث تكون نتائج الأبحاث نافعة و مفيدة للمجتمع المسلم بشكل عام، وللعالم بأسره.
2. الجامعات الوهابية:
من جهة أخرى، يتم التركيز في بعض الجامعات الوهابية على مواضيع ضيقة جدًا و شديدة التخصص في مجالات معينة، مثل:
– التحليل الفقهي الضيق لبعض القضايا البسيطة مثل تحريم اليانسون أو الأكل بالملاعق، وهي مواضيع قد لا تكون ذات أهمية كبيرة في معالجة المشاكل المعاصرة التي يواجهها العالم الإسلامي.
– التكفير والتشهير: يتم التركيز على تكفير المذاهب الأخرى مثل الأشاعرة و الصوفية ، مع تكرار الاتهامات حول القبورية و الباطنية، مما يعزز الفكر الإقصائي و العداوة الداخلية بين المسلمين.
– التركيز على مواقف محدودة: على الرغم من أن بعض هذه الجامعات تُركز على مواضيع حديثة مثل المواطنة و الحقوق المدنية، إلا أن الغالبية العظمى من المناهج تظل موجهة ضد المسلمين، دون تقديم حلول عملية أو مواجهة للتحديات الفكرية التي يواجهها العالم الغربي أو الأقليات المسلمة.
3. الفكر الإقصائي وعدم الانفتاح على العالم:
من النقاط التي تثير القلق حول هذه المناهج هي الفكر الإقصائي والعداوة التي يتم نشرها بين المسلمين، حيث يتم استهداف المذاهب الإسلامية الأخرى بشكل رئيسي، ما يؤدي إلى التفرقة والانقسام داخل الأمة الإسلامية.
هذا التوجه يتعارض مع المنهج الأشعري الذي يركز على التسامح و التعايش بين المذاهب المختلفة، ويشجع على الحوار و التفاهم بين جميع أطياف الأمة.
4. انتقاد الأكاديميين في بعض الجامعات الوهابية:
إن الانتقاد الموجه إلى المناهج الأكاديمية في بعض الجامعات الوهابية يتعلق بالمحتوى العلمي والمستوى الأكاديمي ، حيث يتم الإشارة إلى أن بعض المواضيع المقدمة في تلك الجامعات تفتقر إلى العمق العلمي و المنهجية.
كما يُذكر أن بعض المعلمين في تلك الجامعات، مثل الألباني لا يُعتبرون أكاديميين معتمدين، بل هم في الغالب مؤثرون فكريًا، ولكن قد تفتقر مؤهلاتهم الأكاديمية إلى ما يتطلبه التعليم العالي بشكل عام.
5. غياب مواجهة التحديات الغربية:
من الملاحظ أن الجامعات الوهابية لا تقدم أبحاثًا موجهة نحو التفاعل مع الغرب أو الرد على الحملات الفكرية المعاصرة ضد الإسلام.
هذا التقوقع على الداخل وعدم التفاعل مع العالم الخارجي أو الاهتمام بمشاكل الأقليات المسلمة في الغرب يجعل من هذه الجامعات عاجزة عن تقديم حلول عملية للمسلمين في العصر الحالي.
الخلاصة:
المناهج الأكاديمية في الجامعات الأشعرية تميل إلى الشمولية والانفتاح على القضايا المعاصرة ، بينما مناهج بعضالجامعات الوهابية تركز على التخصصات الضيقة و التكفير و الفكر الإقصائي.
رغم ذلك، فإن العقلانية و المنهجية الأكاديمية في الجامعات الأشعرية تجعلها أكثر قدرة على مواكبة التحديات الفكرية التي يواجهها العالم الإسلامي في العصر الحالي.
من المهم أن يكون هناك حوار فكري بين التيارات الإسلامية المختلفة لتحقيق التفاهم و التعايش وتقديم حلول عملية للتحديات التي يواجهها المسلمون في العصر الحديث.