الفقه ؛ الفهم
17 يناير، 2025
العلم والعلماء

✍️ فضيلة الشيخ : صالح علي الفقي – واعظ أول بالأزهر، وسفير الأزهر سابقا إلى دولة الكاميرون، ومشرف لجان فتوى الأزهر بكفر الشيخ سابقا.
الفقه؛ الفهم:
روى أبو داود _رحمه الله- وغيره، من حديث جابر _رضي الله عنه_ قال: (خرَجْنا في سفَرٍ فأصابَ رجلًا منَّا حجَرٌ فشجَّهُ في رأسِهِ ثمَّ احتَلمَ فسألَ أصحابَهُ فقالَ هل تَجِدونَ لي رخصةً في التَّيمُّمِ فَقالوا ما نجِدُ لَكَ رُخصةً وأنتَ تقدرُ علَى الماءِ فاغتسَلَ فماتَ فلمَّا قدِمنا علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أُخْبِرَ بذلِكَ فقالَ قَتلوهُ قتلَهُمُ اللَّهُ ألا سألوا إذْ لَم يعلَموا .. الحديث).
قلت: وكثير من أصحاب مذهب النصوص الظاهرة الذين يرفعون شعار (القرآن والسنة) يتبع مثل هذا المنهج، فيكفر هذا، ويفسق آخر ويُبدِّع، وما أرسلوا على الناس محكمين ومسيطرين.
والجهل المركّب هو الذي يفضي إلى مثل هذه الفتاوى التي تقتل، وتهدم ولا تبني، وتفرق ولا تجمع، وتفسد ولا تصلح ..
وإن علم المقاصد الفقهية، والقواعد الفقهية، والأصولية، ما هي إلا مستخرجات من منهج القرآن والسنة، كما أن اتباع مناهج العلماء الحقيقيين الذين رسخوا لتلك العلوم؛ لهو الفقه الرشيد، والطريق الصحيح للوصول إلى ما يرضي الخالق، وينفع الناس.
كما أن ربط الفقه بالواقع، ومعايشة الفتوى لما يصلح الناس؛ أمر لازم، فمن غير المعقول أن أجري فتوى خاصة أو عامة قد حدثت منذ ألف عام على أحد الناس، أو جماعتهم الآن!
فإذا كان الشافعي قد غيّر بعض فتاويه عندما انتقل من بغداد إلى مصر، فما بالنا الآن؟
وإن آلة التفسيق والتكفير التي انطلقت منذ سنوات بالأموال المدفوعة، لا يقل صداها عن آلة الجمود لدى بعض أشباه العلماء الذين شدوا عمائمهم وربطوا معها عقولهم، ولكن الفقه الفهم.