الإنسان المعاصر

بقلم الأستاذ : مازن أبو الفضل مدرب تنمية بشرية ومهارات

الإنسان نتاج ظروفه وبيئته، هذه قاعدة متفق عليها في العلوم الإنسانية.

وكل إنسان إبن زمنه، ولعل هذا ما جعل الإمام علي ينبه على أن لا تربوا أبنائكم كما رباكم آباؤكم فأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم.

وعندما ننظر لدورة الزمان وأحوال الإنسان نقف وقفة الحزين على وضع إنسان هذا الزمان، ولعله آخر الزمان.

أنظر للإنسان المعاصر:
– وحيد رغم كثرة من حوله
– منعزل عن الآخرين رغم ثورة الإتصالات
ـ يشعر بالإضطهاد لأسباب منطقيه مثل تجسس الأنظمه على شعوبها
– بعيد عن الوحي رغم توافر المؤسسات الدينية
– عاجز ومستضعف لإنه لا يوجد قانون سيساعده وأن القوي هو من يحدد الحق.

كيف يمكن لهذا الإنسان أن يتكامل ويسمو وهو بهذه الأحوال؟

اذا نظرنا لإمكانيات الإنسان وقواه في العموم وقسناها على قوة وقدرات إنسان هذا الزمان سنجد أنه يطير بجناح واحد ريشه مقصوص او يمشي كالأعرج على قدم متورمه فإنسان هذا الزمان ناقص القدرات والأهلية، ليس لنقص في تكوينه بل نقص في مداركه وتحصيله.

إذا نظرت للأجسام بشكل متجرد ستجد منظومة من الأجهزه والعضلات والأنسجة والخلايا، وحتى يتحقق الهدف من وجود هذا الجسد لابد وأن تعمل كل تلك الأجزاء بكفاءه وتكامل مع بعضها البعض، وإذا عجزت أو قصرت سيخرج الجسد من مفهوم الصحة لمفهوم المرض والسقم، كذلك الإنسان موجود مركب من عدة أجزاء، نفس وجسد وروح، وكل منهم يحتوي على أجزاء أخرى وأيضاً حتى يعتبر الإنسان ناشط وفاعل عليه أن يدير كل هذه الأجهزه في إتجاه وهدف واحد.

ماذا ينقص إنسان هذا الزمان؟

إذا نظرنا بعين التحقيق لما ذكرناه من مكونات الإنسان وربطناه بالمشاكل التي ذكرناها أيضاً عند الكلام عن وضعه سنجد أن أكثر جزء ضامر في هذا الكيان المُستخلف هو الجزء المعنوي والروحاني، فالعقل ضامر من الجهل بكيفية إستخدامه ومضطرب بفعل المواد التي تدخل اليه، والقلب فاسد ومنكمش بسبب سوء الأخلاق والأنانية، والروح مظلمة وجافة لبعدها عن ربها مصدر المسرات.

انسان هذا الزمان هو أقرب للحيوان ء؟!

موجود غريزي لكن لديه تكنولوجيا تخدمه وتعينه على مساويء مساعيه ولا يغرنك عندما نتكلم عن الروحانية والمعنوية أن الحل هو أن يكون الإنسان متديناً، كلا
فحولنا كثير من المتدينين فاقدي الإرتباط بالله وعباده وأولياءه، الدين لديهم هو سطور وتقاليد وحركات، ووسيلة للسيطرة على عباد الله.

وعلى النقيض نجد أيضاً من المتدينين من هو مستغرق في المعنويات والروحانيات وبعيد كل البُعد عن الواق ومستلزماته

كما قلنا من قبل، الطائر يطير بجناحان والإنسان يتكامل بشِقاه

من المؤسف أن ثقافة عالمنا وحضارتنا الحالية تدعو للمادية والشهوات، يصعب على الإنسان إذا ظل في مكانه أن يسقى روحه من منابع العلم والروحانيات، فلذلك على من أراد النجاة أن يتنقل ويبحث.
يا بن آدم أنت من صنع دوائرك، فلا تقول في الوجود ما ليس فيه
لا تقول لا خير ولا متفاضل بل شر ومتقابح فهذا قول سعيك
وضع في بالك قول مولوي
“يا مَن ألِفْتَ العيش في برکة مالحة / ما أدراک ما شط جيحون والفرات”
وأن العليم أمرك بالهجرة من نفسك الى نفسه ومن هواك الى هواه، فاعزم واستقم وابحث كالمجنون على ساحة الله ملجأ العاشقين.

ولا تقول أن الزمان غير مناسب للفضيلة أو التفلسف او التصوف، لا تبحث عن شماعات
اذا بذل الإنسان ربع المجهود الذي يبذله في سبيل تعليق فشله على ( ظروف وأشخاص وخذلان واحباطات وندب)، في ان ينفض رجز الشيطان من على قلبه ويقوم لله لتبدلت أحواله للأفضل .

أصنع شخصية مستقله، اصنع شبكة علاقات تخدم سعيك الجديد، فكر لماذا لست مستقل، لماذا ليس لك حياة خارج “الناس”
لماذا لست فاعل في حياتي؟
لماذا لا أغضب لنفسي؟

هل تريد الفلاح أيها الإنسان المعاصر؟
اخرج عن المألوف وامشي عكس القطيع ستجد النور هناك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *