الحلقة المفقودة التى أدت إلى تهميش دور العلماء في المجتمع

بقلم الدكتور الشيخ / محمد سعيد صبحي السلمو ( الأزهرى البابي الحلبي )

من وحي الواقع

واقع الائمة والناس ، الواجب على الناس ان تكون لهم الوقفة الشجاعة التي ستكون لهم ذخرا بين يدي الله وسيسجلها التاريخ، خصوصا بعد الضغوط التي يتعرضون لها

ولو كنت قائما على رأس عملي كإمام وخطيب لما تجرأت على قول هذا الكلام , ولكنني أتكلم بلسان حال أغلب طلبة العلم .

ما ذكرته هنا يمثل واقعًا مؤلمًا يعكس فجوة كبيرة في المجتمع بين الناس وطلبة العلم، وبين القيم التي يجب أن تحترم في المجتمع الإسلامي. هذا التفاوت بين ما يُعطى لطلبة العلم وما يُستحقون هو إشكالية كبيرة، تؤثر على الروح العلمية وتحد من قدرة العلماء على الاستمرار في أداء مهامهم، بل قد تصل إلى إضعاف الثقة في العلم والدين.

نقاط تثير التفكير:

1. قلة التقدير لطلبة العلم:

– في العديد من المجتمعات، لا يُقدّر العلماء وطلبة العلم بالقدر الذي يستحقونه. فبينما يتم دفع أموال طائلة لأمور دنيوية (كالاطباء والمحامين والمناسبات الاجتماعية)، يُطلب من العلماء أن يقدموا علمهم وخدماتهم بالمجان أو بأسعار زهيدة لا تعكس قيمة علمهم.

– في الواقع، الشيخ والعالم ليسوا كغيرهم من الناس. هم مصدر الهداية والمعرفة، ويجب أن يُحترموا ويُقدّروا بشكل يتناسب مع الدور الكبير الذي يلعبونه في المجتمع.

2. التناقض في التعامل مع العلماء:
– من المؤسف أن نجد البعض يتعامل مع العلماء كما لو أنهم مجرد موظفين أو خدمات مجانية، في حين أن هؤلاء العلماء هم الذين يُصلحون المجتمعات ويُعلمون الناس أصول دينهم.

– التناقض في التعامل يظهر في العديد من المجتمعات: البذخ في الحفلات والإسراف في المناسبات، بينما يتم إهانة العلماء بتقليل الأجر الذي يستحقونه أو حتى تجاهلهم.

3. الإحساس بالعزلة:

– ما ذكرته عن الإحساس بالعزلة التي يشعر بها بعض العلماء في المجتمع هو أمر يستدعي التفكير. فالعلماء وطلبة العلم غالبًا ما يجدون أنفسهم في موقع ضعف، حيث يُنتظر منهم العطاء المستمر دون أن يُنظر إلى احتياجاتهم الشخصية أو المادية.

– هذا الإحساس بالعزلة يمتد ليشمل المغتربين الذين يعانون من اللامبالاة من أقاربهم أو جيرانهم، مما يزيد من معاناتهم ويجعلهم يشعرون بالغربة.

4. القيم المفقودة في المجتمع:

– من أكثر ما يُحزن هو فقدان القيم التي كانت سائدة في الماضي، مثل الاحترام المتبادل والاعتراف بفضل العلماء.

في السابق، كان المجتمع يتعامل مع العلماء ب احترام كبير، وكانوا يُقدرون جهودهم، ولكن مع مرور الوقت، أصبحنا نرى انحسارًا في تلك القيم.

5. الاعتراف بالعلماء وطلبة العلم:

– لا يُعقل أن يُعامل العالم بهذه الطريقة اليوم. فالعالم مؤتمن على دين الناس وأرواحهم، ولهذا يجب أن يُعطى من الاحترام والكرامة ما يستحقه.

– إن الاعتراف بالعلماء يساهم في تحفيزهم على الاستمرار في عملهم وتقديم المزيد من العطاء، ويُشجع الآخرين على الانخراط في طلب العلم.

على سبيل المثال في الدروس الخاصة التي يعطونها كالقرآن والحديث واللغة العربية

من كان عنده المقدرة المادية فيجب عليه ان يزيد في إكرام طالب العلم
في عقود الزواج في غيرها من المناسبات

عليك ان تكرم طالب العلم

على الناس ان يقفوا بجانب أئمتهم خصوصا عندما يتم تهميشهم كما يحصل اليوم

خصوصا ان الاوقاف التي كانت مخصصة لطلبة العلم قد تم مصادرتها باسم الوزارات وبيعت للطغمة الحاكمة البائدة وزبانيتها ، ونحن نعلم أن اوقاف دمشق وحلب كبيرة وكثيرة جدا ، وكذلك باقي المحافظات السورية ، وكان منها ما هو مخصص ليتفرغ طالب العلم تفرغا تاما للسفر وطلب العلم ، والتأليف والتدريس والتدوين ، كل هذه الاوقاف تكفيه وتكفي اسرته للتفرغ للتأليف وطلب العلم

وزماننا هذا زمن شبهات

واي شغل يشغل علماءنا يلهيهم عن مهمتهم الاساسية وهي التصدي للأفكار الدخيلة والشبهات

اضف ان ما يخصص لهم من رواتب هي اضعف الرواتب في الدولة ، وهذا ما يصنفهم في عيون المجتمع طبقة مستضعفة فقيرة ، ويزيد من إذلالهم،

فصار الكثير يعتمد على الفتات من الصدقات التي ترمى إليه من دون الحفاظ على عزة نفسه ، والراتب الذي تعطيه الدولة راتب للسيطرة عليه ،

ولو بقيت الاوقاف لما كان لأي نظام حق وقدرة السيطرة على طلبة العلم

اليوم تتم إهانتهم والتقليل من شأنهم

حتى كلية الشريعة صار ينتسب إليها صاحب المجموع المتدني الذي لا يقبل في باقي الكليات، مع أن كليات الشريعة يجب ان تكون لأهل التخصص الشرعي منذ الصغر فقط ، ولها شروط قوية للقبول ، ولا يكفي فيها اربع سنوات فقط ، ويجب ان يكون فيها نظام التلقي والإسناد ، والاوقاف هي المتكفلة بكل شيء لتفرغ طلبة العلم.

كليات الشريعة اليوم كليات توظيف وثقافة شرعية لا تسمن ولا تغني من علم، حتى لو حصل على شهادة دكتوراه فهي شهادة اكاديمية ولا تعني انه طالب علم بحق .

فواجب الناس اليوم ان يكون همهم دينهم
حتى يسدوا الباب على كل فكر دخيل يستغل ضعف موقف طلبة العلم.
يجب على الناس ان يكونوا درع الحماية والوقاية لعلماء بلدهم حتى لا يتجرأ عليهم كل متردية ونطيحة

يجب ان تعود الاوقاف لسابق عهدها ، وان يحاسب كل من استولى عليها

إن كانت الحكومات تحاول إذلال طالب العلم , فالواجب عليكم ان تفشلوا مخططات هذه الحكومات .

في نظام الوقف الإسلامي لا توجد محسوبيات في الجوامع ولا وراثة ولا واسطات

سيكون مجلس العلماء هو الذي يحدد الاصلح ، ولن تكون الإمامة مصدر دخل ، فدخله معلوم من الوقف المخصص لطلبة العلم ,  وبهذا سيكون إماما قائدا قويا ، والخطابة والإمامة والتدريس متداولة بين جميع اهل العلم وليست وراثة ولا تخليف

حتى سكن طالب العلم مؤمن ومفروض من الوقف ولن يكون مضطرا لسكن الجوامع التي لا تصلح للسكن.

ولا يستطيع احد ان يفرض عليهم فكره، ولا ان يتحكم فيهم لجان ولا مصلونظ
ولن تستطيع حكومة ان تفرض عليهم التأييد والولاء كما كان النظام البائد يفعل ، فقد صبر طلبة العلم على ظلم هذا النظام وجاهدوا ووقفوا حجر عثرة أمام التشيع والافكار الدخيلة، وعلموا ابناء المسلمين القراءة العربية الصحيحة وقراءة كتاب الله والسنة النبوية والسيرة، فجاء من يحمل إيديولوجيا دينية وفكرية معينة، ويسيطر عليه حسابات شخصية يتهمهم بالتخاذل بدل ان يكافئهم على صبرهم.

اي حكومة اليوم تدعم من يحمل فكرها وإيديولوجيتها بعيدا عن روح الإسلام ومذاهبه الاربعة النبع الصافي

لكن نظام الوقف ووقفة الناس مع العلماء ستقف ضد كل هذا
هي وقفة صادقة لسنوات قليلة حتى يعود طلبة العلم إلى مكانهم الريادي فيعيدوا استلام زمام الامور.

هذا دينكم
تخرجون بالآلاف وتنفقون الملايين في سبيل نصرة النادي الرياضي الذي تحبونه
ولا تخرجون غيرة على دينكم
ولا يشغل بالكم دينكم ،
ومن نصر الدين نصره الله ، وإن لم ينتصر الدين واهل العلم فالامة إلى مزيد من الهوان
وانظروا كيف كان نور الدين زنكي في حلب يهتم بدور العلم والعلماء والزوايا الصوفية ويجزل العطاء للعلماء حتى مكنه الله عز وجل ونصره.

الخلاصة

– أئمة المساجد والعلماء يجب أن يُعاملوا بما يتناسب مع مكانتهم في المجتمع. هم حماة الدين ورواد الإصلاح، ومن واجب المجتمع دعمهم والاعتراف بعطائهم.

– إن التقدير المادي لطلبة العلم ليس مجرد رفاهية، بل هو ضرورة مؤسسية من أجل استمرارهم في عملهم وتعليم الناس.

– يجب أن نسترجع قيم الاحترام والاعتراف بالفضل في المجتمع، وأن ندعم العلماء ونُقدر دورهم في حياة الأمة.

– إن الإحساس بالعزلة الذي يعيشه بعض العلماء يجب أن يُقابل بتقدير أكبر لهم من المجتمع، لأنه إذا فقد العلماء مكانتهم في المجتمع، ضاعت القيم الأساسية التي تُبنى عليها الأمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *