بقلم الشيخ : محمد أبو النصر
الكاتب والباحث فى الشريعة الإسلامية
حكم قراءة الفاتحة عند عقد الزواج
● الاتجاهات الفقهية في المسألة:
– تم تناول مسألة قراءة الفاتحة عند عقد الزواج من قبل فقهاء وعلماء معاصرين، وانقسمت الآراء بين الجواز والاستحباب، وبين اعتبارها بدعة غير مشروعة.
فيما يلي عرض للاتجاهين:
⚫ أولًا: الاتجاه الأول (الجواز والاستحباب)
● صدر هذا الرأي عن دار الإفتاء المصرية، ويستند إلى النصوص الشرعية فقالوا : يجوز قراءة الفاتحة عند عقد الزواج؛ لاتفاق علماء المسلمين سلفًا وخلفًا على استحباب قراءتها في إنجاح المقاصد، وقضاء الحوائج، وتيسير الأمور، وإجابة الدعاء، وغير ذلك من الأمور الدنيوية والأخروية، وعلى ذلك جرى عمل المسلمين عبر العصور، ودلَّت النصوص الشرعية على أن فيها من الخصوصية ما ليس في غيرها.
● قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: 87]؛ -وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ غَيْرُهَا مِنْهَا عِوَضٌ» رواه الدارقطني والحاكم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
-حديث جابر رضي الله عنه: «قال عليه الصلاه والسلام لجابر رضي الله عنه: «يَا جَابِرُ، أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ؟» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَاتِحَةُ الْكِتَابِ»، قال راوي الحديث: وأحسبه قال: «فِيَها شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ» رواه البيهقي في “شعب الإيمان”.
فقراءة الفاتحة تُستحب لما ورد عن فضائلها في قضاء الحوائج وتيسير الأمور
● التطبيق التاريخي لقراءة الفاتحة
– قراءة الفاتحة أصبحت تقليدًا إسلاميًا على مر العصور، ويُقصد بها الدعاء بالتوفيق والبركة،و لا يُعد هذا جزءًا من أركان العقد، بل هو استحباب عرفي..
⚫ ثانيًا: الاتجاه الثاني (البدعة وعدم المشروعية)
يمثل هذا الاتجاه رأي علماء المملكة العربية السعودية، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين.
وقالوا : قراءة الفاتحة عند عقد الزواج أو في المناسبات الدينية الأخرى لا أصل لها في السنة النبوية.
قال الشيخ ابن عثيمين : “هذا ليس بمشروع، بل هذا بدعة …”
⚫ الخلاصة :
– الاختلاف بين الاتجاهين يعود إلى تفسير النصوص الشرعية وتعامل الفقهاء مع العادات الاجتماعية.
– قراءة الفاتحة عادة اجتماعية منتشرة في بعض المجتمعات، تُفعل طلبًا للبركة والدعاء بالتوفيق بين الزوجين
– وينبغي التفريق بين الأمور التعبدية التي تحتاج إلى دليل شرعي واضح، والعادات الاجتماعية التي لا تخالف الشريعة، إن الأمور التي لم يرد فيه نص شرعي تعد من الأمور الجائزة إذا لم يقترن بها اعتقاد خاطئ أو تخصيص عبادة في غير موضعها.
-ولأن مخالفة الشريعة تحتاج الى دليل واضح لا غموض فيه كان يأتي أمر يقول لا تقرأ الفاتحة عند الشروع في الزواج.
وإذا كانت قراءة الفاتحة عند عقد الزواج بنية التبرك والدعاء، دون اعتقاد أنها شرط لصحة العقد أو عبادة مستقلة مأمور بها، فهي جائزة
لكن إذا اعتُقد أنها من شعائر الزواج أو أن العقد لا يتم بدونها، فهذا يدخل في باب البدع المذمومة.
وهناك أدلة عامة تُجيز الدعاء وقراءة القرآن في أي وقت ومناسبة.
من القرآن الكريم:
– قوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ (النحل: 89) يدل على أن القرآن كله بركة وهداية، وقراءته في أي وقت جائزة.
– قوله تعالى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ (المزمل: 20) يدل على عموم قراءة القرآن دون تحديد زمان أو مكان.
من السنة النبوية:
– قال النبي ﷺ: “لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان يفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة” (رواه مسلم). إذا كان الشيطان يفر من قراءة القرآن، فإن قراءته تجلب البركة والخير.