الجمع بين أحاديث نسب الامام المهدى عليه السلام
25 ديسمبر، 2024
علوم آخر الزمان

بقلم : الاستاذ الدكتور الشيخ محمد عبد الله الاسوانى
سلسلة علوم آخر الزمان :
الاحاديث النبوية التى ذكرت نسب الامام المهدى لو اردنا نجمعها سنلاحظ ما يلى:
أن هناك احاديث نبوية ذكرت ان الامام المهدى سيكون من ولد فاطمة رضى الله عنها، وأحاديث اخرى ذكرت انه من ولد العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه.
فاذا تكلمنا عن الاحاديث التى ذكرت انه من ولد فاطمة رضى الله عنها نرى انها ذكرت تلك الاحاديث انه من ولد فاطمة وليس من ولد الامام على ، فلماذا ذلك ؟ لابد ان تلك الاحاديث تشير الى شئ معين؟
امر الامام المهدى عليه السلام يحتاج الى تفكير عميق ، لأن كل شئ او كلمة او حديث يرمز الى شئ معين، فالاحاديث التى ذكرت انه من ولد فاطمة رضى الله عنها فلابد انه سيكون من ولد فاطمة رضى الله عنها ، والاحاديث الأخرى التى ذكرت انه من ولد العباس رضى الله عنه فلابد ان يكون العباس رضى الله عنه !!
اذن واذا سال السائل كيف يكون الامام المهدى من ولد فاطمة ومن ولد العباس فى نفس الوقت؟
العلماء قديماً قالوا لابد ان يكون الامام المهدى منتمياً الى السيدة فاطمة وان للعباس فيه ولادة، وتكلموا عن الاختلافات الموجودة فى ذرية السيدة فاطمة أنه من ذرية الامام الحسن او الحسين او العباس رضى الله عنهم، فقالوا انه من ذرية احدهم وان للآخرين فيه ولادة.
لكنى احب ان اربط بين الماضى بالحاضر :
فالخلافة عن سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم فى آل بيته رضى الله عنهم تنقسم الى خلافتان: خلافة دنيا وخلافة دين، فخلافة الدين يكاد ان يستأثر بها ولد فاطمة أكثر من غيرهم من فروع آل البيت يكادون ان يستأثروا بها ، والدين فى حقيقته هو امر موجود فى قلوب العباد وهو امر باطن خفى لانه مبنى على الاخلاص ولا احد يستطيع ان يطلع على اخلاص احد ، اذا خلافة الدين كانت فى ابناء فاطمة ، لكن خلافة الدنيا عن النبى صلى الله عليه وسلم.
فعندما خرج الدعاة يدعون فى بلاد خراسان وبلاد ما وراء النهر الى امام الرضا من ال محمد رضى الله عنهم أجمعين، فهل كانت هذه الا خلافة الدنيا وسياسة الناس بالعدل، ومن المعلم تاريخياً أن من فاز بها ـ بالخلاة ـ هم بنو العباس دون غيرهم ، فهل تم هذا الامر بعيد عن ارادة الله!! فمن يقول غير هذا فقد كفر كفراً بواحاً ، إذاً فكل شئ قد تم بارادة الله تعالى.
المبشرات بأن بنى الخلافة ستؤول الى بنى العباس بن عبد المطلب:
وهل كانت هناك مبشرات كانت عند بنو العباس تخبرهم بان الخلافة بعد بنى امية ستؤول اليهم ، بالطبع كان عندهم ذلك ، والا سيسير الامر الى التنازع، فلو بحثنا فى هذا الامر بحثاً دقيقاً سنجد ان بنى العباس كانت عندهم نبوءات بالخلافة من قبل أن ستصير اليهم.
روى عن النبى صلى الله عليه وسلم حديثاً عن هذا الأمر ، فقد روى عن محمد بن على بن عبد الله بن العباس حدثنى ابو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية انه سمع علياً يقول : دخل العباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده فى بيت ام سلمة وهو متوسد وسادة أدم ـ محشوة ليفاً ـ فألقاها الى العباس وقال له أجلس عليها ، قال : وأقبل عليه يناجيه دونى بشئ لم أسمعه ثم نهض فخرج فلما توارى قال : يا على هون على نفسك فليس لك فى الامر نصيب بعدى ، الا نصيبٌ خسيس ، إن هذا الامر فى هذا وفى ولده يأتيه الامر ، عفواً من غير جهد طلب حتى تدركوا بثأركم وتنتقموا ممن أساء اليكم ” أخبار الدولة العباسية ص 186
والنصيب الخسيس او الحظ الخسيس يعنى فترة بسيطة كانت توجد بها مشاكل وبالفعل كانت فترة خلافة سيدنا على رضى الله عنه لا تصل الى خمس سنوات فيها الكثير من المشاكل، وكان الامر شديد الصعوبة حتى يناجى يربه ان يأخذه من هؤلاء القوم المنافقين الذين كان يخالفون عن أمره كرم الله وجهه ورضى الله عنه.
ثم حديث اخر بان الخلافة ستصير الى ولد العباس حتى منهم من سيصلى بعيسى بن مريم ، ونحن نعلم انه لن يصلى بعيسى بن مريم الا الامام المهدى :
اخرج ابن عساكر عن طريق الدارقطنى عن عمار بن ياسر قال: “بينما النبى صلى الله عليه وسلم راكباً اذ حانت منه التفاته فاذا هو بالعباس فقال : يا عباس ، قال : لبيك ، قال : ان الله بدأ الاسلام بى وسيختمه بغلام من ولدك وهو الذى يصلى بعيسى عليه السلام ” وقال ابو نعيم الاصبهانى حديث عزيز
والامام المهدى فى رسالته هو رجل يقيم العدل فى الدنيا ويقيم الاخلاص فى الدين وينشر الاسلام، اذاً ستكون خلافته رضى الله عنه بين (دين فى كمال صورته) وبين (دنيا فى كمال صورتها) وهما ما يوجدان فى كلاً من بنى فاطمة وبنى العباس خلافة الدنيا والدين، اذاً لابد ان يكون الامام المهدى بين هذاين.
وهناك حديث ان النبى صلى الله عليه وسلم امسك بيدى على وامسك بيد العباس وقال: “ان المهدى يخرج من بين هذاين”، ويوجد حديث اخر ان النبى صلى الله عليه وسلم قال للعباس اما شعرت يا عم ان المهدى من ولدك موفقا راضيا مرضيا فقد روى عن العباس بن عبد المطلب قال : لما كان يوم فتح مكة ركبت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنى فقالوا: تقدم إلى قريش ليرد قريشاً عن حربك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” ردوا علىَّ أبى ، لا تقتله قريش كما قتلت ثقيف عروة بن مسعود ” فخرجت فوارس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تلّقونى فردونى معهم ، فلما رآنى رسول الله صلى الله عليه وسلم جهش واعتنقنى باكياً ، فقلت يا رسول الله إنى ذهبت لانصرك /، فقال ” نصرك الله ، اللهم انصر العباس وولد العباس ” قالها ثلاثاً ، ثم قال :” يا عم إن المهدى من ولدك راضياً مرضياً ” ذكره ابن عساكر فى كنز العمال 7 : 259 .
وقد اثر عن بنى العباس انهم يخبرون ان المهدى سيكون منهم فى اخر الزمان فهناك أثر مروى عن أحمد بن يحيى بن جابر قال: حدثني أبو لأيوب سليمان الرقيِّ عن الحجاج الرصافي عن أبيه قال: نظر عبد الملك إلى محمد بن علي، وهو غلام من أجمل أهل زمانه فقال: هذا والله يفتن المرأة الشريفة. فقال له خالد بن يزيد بن معاوية: أما والله إن ولده صاحب هذا الأمر، فقال عبد الملك: كلا. فقال خالد: هو كذاك، إن بيعاً أخبرني عن كعب أن هذا الأمر يصير إلى بني العباس، وأنه لا يلي رجل من آل أبي طالب إلا أن يخرج على والٍ فيُقتل، وأنها لا تزال لولد العباس إلى أن ينزل المسيح . كتاب أخبار العباس وولده ص 68.
والاحاديث المروية عن بنى العباس كثيرة بخصوص ان المهدى سيكون منهم لا يحتملها ذلك المقال ونذكرها فى وقتها ان شاء الله تعالى، اذا فلابد ان يكن المهدى رحماً من السيدة فاطمة رضى الله عنها ونسباً من العباس رضى الله عنه لأن امر الدين وأمر الدنيا بين هذاين، اذاً سيكون المهدى منهما معاً.