سر الطريق و سر الشيخ

بقلم الأستاذ/ عمر عبد العاطى السلامونى

يخلط الناس بين سرِّ الطريق وسرّ الشيخ رغم أنهما منفصلان عن بعضهما ٠

سرِّ الطريق :

هو القوة الروحية الموجودة فى الأوراد و الأذكار و منهج التربية و التوجيه فيه ٠
فمِن المعروف أن لكل ذِكر قوة روحية و ملائكة تحفّه و تحفُّ الذاكر به ، وكذلك له ملائكة من نورانية هذا الذكر تتنزَّل على قلب و روح الذاكر به ، وهذا لكل ذِكر و لكل إسم من أسماء الله تعالى ، و كذلك لكل صيغة من صيغ الصلوات على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم.
فهذه القوى الروحية و الأنوار الإلهية المستمدة من مجموع أذكار و أوراد و منهج التربية فى طريقٍ ما هى ما يُعبَّر عنها بسر ِّ الطريق ٠
و يُضاف إلى كلِّ ما سبق ، لون من ألوان القوة الروحية و بعض الخصوصيات فى أهل سلسلة هذا الطريق المسلسلين إلى مولانا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.
هذا كله هو ما يُسمى بسر الطريق ٠

 أما سر الشيخ :

فهو القوة الروحية و الهمَّة النورانية الموجودة فى ذات الشيخ نفسه ٠
ذلك أن الشيخ المربِّى أو الولىّ الحق لله تعالى ، يُمِدُّه الله كما ذكرنا بمددٍ منه تعالى و نورانية خاصة له – فضلاً من اللَّه تعالى – بجانب ما اكتسب من تلاوة أوراده ، و تلاوة ورده و أذكاره خلال تربيته و سيره إلى اللَّه تعالى ، هناك فضل من الله تعالى عليه و إكرام خاص له لذاته هو إما كونه من آل البيت النبوى أو مؤيد من حضرة الحبيب و آله
ذلك أن طاقة الولىّ الروحية قد تزيد عن طاقة و سرِّ الطريق الذى تربّى فيه ، فينال- من فضل الله تعالى عليه – سرَّ الطريق الذى سلكه ، ثم زيادة خاصة له هو ٠
و كلما اتسعت طاقاته الروحية كلما تعددت لدى الولىّ المشارب المتنوعة ، لذلك فقد تكون تربيته شاذلية أو خلوتية أو برهامية أو رفاعية مثلاً و لكن بعد أن يشتد عوده و تتسع طاقته الروحية ، يُسقى من طرق أخرى غير ما تربَّى عليه ، فيكون فى النهاية شاذلياً أحمدياً خلوتياً .. إلخ
و هذه مزية لا تعطى لأى أحد من البشر ، أى لا يستطيع أحد الجمع بين كل الطرق و أورادها إلا بإذن علوى و إلا تحدث له جذبة لكثرة و إختلاط الأنوار و البرازخ ٠

فإذا جمع كل المشارب – قدر طاقته – أُطلق عليه لقب “الجامع” فيقولون الولىُّ الجامعُ.

و مثل هذا الشيخ أو الولىّ لا يلتزم عادة بمنهج تربية واحد حتى لأولاده ، فيسقى هذا الخلوتية ، و يسقى ذاك الشاذلية مثلاً.
فإذا انتقل هذا الولىّ أو المربّى الجامع إلى رحمة الله فميراث سرِّ الطريق يرثه بعده من سلك منهج تربيته و خُلِّف على طريقة تربيته بإذن من سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.
أما ميراث سرِّ الشيخ نفسه و أنواره فهذا لا دخل له بالتربية أو الطريق ، و لكن يرثه من كان له أهل ، و من هو قادر على تحمله كيفما كان منهج تربية و سلوك الوارث ٠

و هذا الأمر من أدق الأسرار المخفية حتى عن عموم أهل الولاية ، ولذلك نمسك عن الإفاضة فيه خوفاً من الزلل ٠
و لكننا نُنَبِّه على أن السالك إلى اللَّه تعالى يختلف حاله و سلوكه وفتوحه إذا كان ارتباطه بذات الشيخ ، عن أحواله إذا كان ارتباطه بالطريق ذاته ٠

وعلى العموم فان سرِّ الشيخ المربِّى يحوى سرَّ الطريق ، ولكن سرّ الطريق لا يحوى سرّ الشيخ كله ٠

اللهم ارزقنا الفهم و الأدب مع مشايخنا و أدم علينا نعمة الجلوس تحت أيديهم الشريفة و خدمتهم و عرفنا قدرهم و ارزقنا برّهم و اجعلنا برزخاً بينهم و بين أعدائك و اجعلنا سبب الغنى له و احشرنا معهم و مع جدهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *