حب النبي صلى الله عليه وسلم فرض واجب
12 أكتوبر، 2024
قبس من أنوار النبوة
بقلم : الداعية الأزهري ومعلم القرآن الكريم الشيخ أحمد صقر
الحمد لله واهب الحياة وجعل الحب فيها وقود لكل مراد يسير نحوه طالبه والصلاة والسلام على مستحق جميع انواع المحبة واسما مراد المريدين ومقصود المحبين وقبلة الواردين سيد الاولين والاخرين وبعد .
سؤال قد يورد نفسه علينا ، لماذا نحب النبي محمد صلى الله عليه وسلم كل هذا الحب الذي لأجله يغتاظ المتكبرين ويحسدنا عليه الماكرين ويحاربنا عليه المارقين ، هذا الحب الذي كان بدوره وقودا لدفع السابقين الاكابر من صحابة رسول الله الأمين صلى الله عليه وسلم الى الدفاع عنه والاستماتة في تبليغ رسالته بل وازهاق ارواحهم رخيصة لمراده دون كلل أو ملل
النبي صلى الله عليه وسلم حبه فرض واجب اذا عرفنا قيمته ووقفنا على مكانة قدره ، وعرفنا حق استحقاقه للحب ، بل لو فهمنا ان حضرة النبي صلى الله عليه وسلم ، هو هدية الرحمن لوجَّهنا كل الحب له دون قيد او شرط ، لان من دلالة حب الله لهذه الامة ان نسبها اليه صلى الله عليه وسلم ، وجعلها أعظم الامم لكونها تابعه له ، وشرفها بانه جل شأنه جعل وظيفة تلك الامة هي امتداد لرسالته صلى الله عليه وسلم ، فايما شرف وايما عظمة فوالله لو ان عيس بن مريم عليه السلام نزل من السماء ما وسعه الا ان سلك طريق شريعة النبي احمد صلى الله عليه وسلم ، فبفضله رفع الله تعالى قدر هذه الامة في الدنيا بشرف حمل رسالة الانبياء ، وفي الاخره بانها تسبق العالمين الى الجنة ، الا يستحق ان يكون عشقه بعد عشق الله تعالى واجب !
بل ورفع عنهم العذاب بوجوده صلى الله عليه وسلم بينهم حينما قال ربنا : {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } الانفال33
النبي صلى الله عليه وسلم تحمل في سبيل الله لهداية الامة وانتشالها من غياهب الظلام الى أنوار الهداية صراط الله المستقيم ، فقد كُذِّب وأُوذي وسُب ووضِع أمعاء بعير على ظهره وهو ساجد عند الكعبة وطُلِّق بناته ، وجُوِّع أهله حتى أكلوا ورق الشجر ، وغيره الكثير ، ثم يقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ، وهناك عند الطائف عندما أراد ان يدعوهم الى الحق سخروا منه وسلطوا عليه الصبية والسفهاء ، فرموه بالاحجار حتى دمت قدماه الشريفتين ، دمت أطهر قدمين وطات الثرا ، ومن هول ما رأى أخذ بوجهه حزينا عليهم ولم يستفق من همه الا بواد بعيد هناك
وعندما سألته السيدة عائشة رضي الله عنها هل اتى عليك يوم كان اشد من يوم احد قال : (لقد لقيت من قومك ما لقيت! وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على بن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسي ، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني ، فنظرت فإذا فيها جبريل ، فناداني ، فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت ، فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ ، ثم قال : يا محمد ، فقال : ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئًا ) رواه البخاري
فلو تدبرنا يسيرا في اجابته عسى ان يخرج من اصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئا نجد قمه الرحمة والحب الذي يكنه صلى الله عليه وسلم للامة الذي عبر عنه ربنا بقوله {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الانبياء107
ورغم عدم استجابتهم له والرد على دعوته بالايذاء والرفض ولو أراد لهدم عليهم الجبال وجعلها تدفنهم تحت ركامها ، ألا يستحق الفنا في حبه والغرق في امواج بحور عشقه صلى الله عليه وسلم
وحديث عبد اللَّه بن هشام وما ادراك ما حديث بن هشام قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو اخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر (يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : لاَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِك فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الآنَ يَا عُمَر ) البخاري
ولا يمكن أن ننسى ابدا الاخذ في الاعتبار. خبر شوق النبي صلى الله عليه وسلم لمن ياتي بعده من امته عن أنس بن مالك رضي الله قال : كنا في بيت عائشة رضي الله عنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ليتني لقيت إخواني فإني أحبهم ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : أليس نحن إخوانك؟ قال : لا أنتم أصحابي ، وإخواني الذين لم يروني ، وآمنوا بي وصدقوني وأحبوني ، حتى أنى أحب إلى أحدهم من والده وولده ، ألا تحب يا أبا بكر قوما أحبوك بحبي إياك ؟ قال : بلى يا رسول الله. قال : فأحبهم ما أحبوك بحبي إياك) هذا الحديث رواه أبو نعيم الأصبهاني بهذا اللفظ
تخيل معي عندما يشتاق قلبك فتعبّر في غياب محبوك عن هذا بكلمات يفوح منها العطر حين تخرج من حنايا القلب مملوءة بالصدق وحرارة الشوق وتقول ليتنى أرى احبابي ، لو اني ارى اخوانى ، فكم مشتاق لنا الحبيب الهادي وكيف قابلنا نحن هذا الشوق والحب ألا يستحق ان نعطيه كل الحب ونبادله كل العشق
الشوق نار به اكتوى فؤادي ،،، وشوقي اليك يا حبيبي احرقني
وكلما ذاد احتراقي ذاد لهيب ،،، حبي كأنما العذاب فيك اسعادي
عجب حبي ولا أدر العذاب ،،، حبٌ أم الحب شوق والشوق احراقي
لا أبالي يا حبيبي مادام الحب ،،، فيك وفيك أوفيك حب فؤادي
نعم فذاب القلب شوقا يا خل ،،، وأدمنت لهيب الشوق واحراقي
كم تشتاق روحي رؤياك حبيبي ،،، فداك روحي وقلبي وكُل انفاسي