حيث يلتقي البحران: تأملات صوفية في لقاء الروح والمادة
9 أكتوبر، 2024
منهج الصوفية

بقلم الشيخ مصطفى زايد
الباحث فى الشأن الصوفى
مقدمة :
في عالم التصوف، تتجلى العديد من الرموز والمعاني التي تعكس عمق التجربة الروحية. من بين هذه الرموز، نجد مفهوم “حيث يلتقي البحران”، الذي يشير إلى التقاء البحرين المختلفين في صفاتهما، وهو رمز يعكس التقاء الروح بالمادة، والعالمين الظاهر والباطن.
في هذه المقالة، سنستعرض مفهوم الصوفية في هذا السياق، ونستعرض ما قاله المشايخ الصوفية حول هذا الموضوع.
مفهوم الصوفية :
الصوفية هي طريق روحي يسعى إلى تحقيق الإحسان، وهو أعلى مراتب الدين الإسلامي بعد الإسلام والإيمان. يهدف التصوف إلى تزكية النفس وتطهير القلب من الرذائل وتحليته بالفضائل، من خلال ممارسات روحية مثل الذكر، والخلوة، والمجاهدة. يقول الإمام الجنيد: “التصوف استعمال كل خلق سني، وترك كل خلق دني.
حيث يلتقي البحران في التصوف :
يشير مفهوم “حيث يلتقي البحران” إلى الآية القرآنية في سورة الرحمن: “مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ” (الرحمن: 19). يفسر العلماء هذه الآية بأنها تشير إلى التقاء البحرين المختلفين في صفاتهما، الملح والحلو، دون أن يختلطا. هذا التفسير يعكس التقاء العالمين الظاهر والباطن في التصوف، حيث يسعى الصوفي إلى تحقيق التوازن بين الحياة الروحية والمادية.
آراء المشايخ الصوفية :
تحدث العديد من المشايخ الصوفية عن هذا المفهوم بطرق مختلفة. يقول الشيخ أحمد زروق: “التصوف هو علم موضوعه ومقصده هو إصلاح القلوب وإفرادها لله -تعالى- وحده لا شريك له”
ويضيف الشيخ يوسف البحراني، أحد أبرز علماء التصوف، أن التقاء البحرين يعكس التقاء العلم والعمل، حيث يجب على الصوفي أن يجمع بين المعرفة الروحية والممارسة العملية لتحقيق الكمال الروحي .
خاتمة :
يمثل مفهوم “حيث يلتقي البحران” في التصوف رمزًا عميقًا يعكس التوازن بين الروح والمادة، والعلم والعمل. من خلال هذا التوازن، يسعى الصوفي إلى تحقيق الكمال الروحي والاقتراب من الله. إن فهم هذا المفهوم يمكن أن يساعدنا في تقدير عمق التجربة الصوفية وأهميتها في حياتنا الروحية.