المسخ

بقلم الدكتور / الفاتح محمد

ماذا تتوقع للأجيال القادمة حينما تتحسس من أى مدح للنبى صلى الله عليه وسلم، وعند أى ثناء عليه صلى الله عليه وسلم تحذر من الغلو وتحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: لا تطرونى كما أطرت النصارى المسيحَ ابنَ مريم.. وكأن أحدا من المادحين قد قال إنه ثالث ثلاثة أو ادعى بنوته لله سبحانه وتعالى!
وفى المقابل فإن الواحد منهم لا يرى أى مشكلة فى أن يكيل المديح لمديره فى الشغل وشيخه واليوتيوبر المفضل لديه غيرَ خائف من عواقب الغلو؟!

ماذا تتوقع للأجيال القادمة حينما تضيق نفسك عند أى ثناء فى حق آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحذر من يصنع ذلك من الغلو وتتهمه بالتشيع، وتتعامى عن الأحاديث التى فى مناقب آل البيت.. وتتبع كل حديث محاولا التشكيك فى سنده..
وفى المقابل فإنك لا تكف عن اختراع المناقب لخصومهم، ولا ترى حرجا من مدحهم ليل نهار والتماس الأعذار لهم، وإن دفعك ذلك إلى اتهام آل البيت وتخطئتهم؟!

ماذا تتوقع من الأجيال القادمة حين يسمعون التقليل والتهوين من شأن الأئمة الأربعة، والمسارعة فى تخطئتهم فى أى مسألة لا تروق لك، ثم تذكرهم بأسمائهم فتقول: ويرى الشافعى، وقال مالك..
وفى المقابل فإنك لا تذكر شيوخك المعاصرين إلا بالتعظيم والتفخيم والتضخيم؛ فتقول: قال العلامة فلان، ويرى فضيلة الشيخ علان؟!

ماذا تتوقع للأجيال القادمة حينما تقلل من تخريج القدماء للأحاديث فتصف الترمذى (عمال على بطال) بالتساهل فى التصحيح والتحسين، وتتعامل مع ابن حبان والدارقطنى والذهبى وابن حجر وكأنهم كانوا مجرد هواة..
وفى المقابل تجعل من تصحيح رجل معاصر واحد وتضعيفه الحكم على على أى سند؟!

ماذا تتوقع للأجيال القادمة حينما تصبح بعض المواقع هى الميزان للحكم على أى مسألة وعلى أى عالم، وتجد المراهق كلما سمع عن اسم عالم اتفقت الأمة على إمامته يسأل جوجل: ما عقيدة الإمام فلان؟

أنت حين تشارك فى أى شيء مما سبق فاعلم أنك تسهم فى صناعة جيل مصاب بالمسخ، جيل مشوه، لا يعرف قدر نبيه ولا آل بيت نبيه، ولا العلماء؛ أنت تسهم فى تشكيل جيل منقطع الصلة عن تراثه، يظن أن علوم الدين كانت ميتة خلال ألف وأربعمائة سنة حتى جاء عدة أفراد فأحيَوها!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *