ولما كانت سنة ثلاث وخمسين وستمائة توقفت زيادة النيل بمصر في شهر مسرى عن عادته، فضج الناس بسبب ذلك، مع ما هم فيه الغلاء في السعر، قال الفقيه المقرئ أبو العباس أحمد بن علي بن الرِّفْعة الأنصاري: فبِتُّ ليلة الجمعة الرابع والعشرين من جمادى الآخرة الموافق لليلة السادسة من مسرى المتقدم ذكره مهمومًا، فصليت ركعتين؛ وقرأت في الأولى بفاتحة الكتاب وقوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ} [فصلت: 53] إلى آخر السورة،
وفي الثانية بفاتحة الكتاب وقوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] إلى آخر السورة،
واستغثت بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونمتُ، فرأيت هاتفًا هتف بي وهو يقول: إنه سمع استغاثتك، وإنه يفرج عن العالم بعد ثلاثة أيام في نيل مصر،
وكنت أخبرت أن هذه الرواية عند الشيخ أبي المجد الإخميمي خطيب مصر، فسألته عن هذه الرؤيا، فأخبرني أن الفقيه أبا العباس أحمد بن الرفعة المذكور أخبره بالمنام صبيحة يوم الجمعة المتقدم ذكره، وقال الشيخ أبو المجد المذكور: فبعد ثلاثة أيام زاد النيل في ذلك خمسة عشر إصبعًا، ثم استمر في الزيادة حتى بلغ في الزيادة تلك السنة تسعة عشر ذراعًا، وذلك ببركة الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم اهـ.
مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام في اليقظة والمنام ط دار جوامع الكلم صـ 45