قال الإمام الحافظ جلال الدين الأسيوطي المصري الشافعي فى رسالة ( تنوير الحالك في إمكان رؤية النبي و الملك ) : الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد فقد كثر السؤال عن رؤية أرباب الأحوال للنبيصلى الله عليه وسلمفي اليقظة وإن طائفة من أهل العصر ممن لا قدم لهم في العلم بالغوا في إنكار ذلك والتعجب منه وادعوا أنه مستحيل فألفت هذه الكراسة في ذلك وسميتها تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك ونبدأ بالحديث الصحيح الوارد في ذلك : أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ” صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي “وأخرج الطبراني مثله من حديث مالك بن عبد الله الخثعمي ومن حديث أبي بكرة ، وأخرج الدارمي مثله من حديث أبي قتادة .
قال العلماء اختلفوا في معنى قوله فسيراني في اليقظة فقيل معناه فسيراني في القيامة وتعقب بأنه بلا فائدة في هذا التخصيص لأن كل أمته يرونه يوم القيامة من رآه منهم ومن لم يره ، وقيل المراد من آمن به في حياته ولم يره لكونه حينئذ غائبا عنه فيكون مبشرا له أنه لا بد أن يراه في اليقظة قبل موته ، وقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم فلا بد أن يراه في اليقظة يعني بعيني رأسه وقيل بعين في قلبه حكاهما القاضي أبو بكر ابن العربي، وقال الإمام أبو محمد بن أبي جمرة في تعليقه على الأحاديث التي انتقاها من البخاري : هذا الحديث يدل على أنه من رآه صلى الله عليه وسلم في النوم فسيراه في اليقظة وهل هذا على عمومه في حياته وبعد مماته أو هذا كان في حياته وهل ذلك لكل من رآه مطلقا أو خاص بمن فيه الأهلية والإتباع لسنته عليه السلام اللفظ يعطى العموم ومن يدعي الخصوص فيه بغير مخصص منه صلى الله عليه وسلم فمتعسف قال وقد وقع من بعض الناس عدم التصديق بعمومه وقال على ما أعطاه عقله وكيف يكون من قد مات يراه الحي في عالم الشاهد .
وقد حقق هذه الرؤية الإمام الغزالى رضى الله عنه فى كتابه ( المنقذ من الضلال ) وقد ذكر بأن الصوفية وهم فى يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم ويقتبسون منهم فوائد
وقد جوز ذلك القاضى أبو بكر بن العربى فى كتابه : ( قانون التأويل ) وقال : رؤية الأنبياء والملائكة وسماع كلامهم ممكن للمؤمن كرامة وللكافر عقوبة
وقد حقق ذلك أيضًا ابن الحاج فى كتاب ( المدخل )