قساوة القلوب.. الخطر الذي يفتك بالأمة
31 أكتوبر، 2025
أخبار العالم الإسلامى

بقلم الأستاذة : سيدة حسن
لم أكتب هذه السطور من فراغ، بل بعد أن رأيت مشهدًا لا يُحتمل مقطعًا من أرض السودان، حيث يفعل الأخ بأخيه ما تعجز عن وصفه الوحوش دمٌ يُسفك، ونساء تُغتصب، وأجساد تُهان بأيدي من يُفترض أنهم من نفس الدين والدم والوطن.
تساءلت بعدها: كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟ كيف صار المسلم عدوًّا لأخيه المسلم؟
لقد صار العدو الخارجي أهون، لأن الخطر اليوم يأتي من الداخل؛ من قلوبٍ نُزعت منها الرحمة، وعقولٍ أضاعها الغضب والطمع والجهل بالدين.
حين قال الله تعالى:
{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} لم يكن يصف قومًا بعينهم فقط، بل كان يُحذرنا نحن من أن نصل إلى هذا المصير فالقسوة لا تأتي فجأة، إنما تبدأ حين يُطفئ الإنسان نور الرحمة بداخله، ويستبدل الضمير بالشهوة، والعقل بالانتقام.
صرنا نرى من يبرر القتل باسم الدين، ومن يضحك وسط الدماء كأن ما يفعله بطولة، بينما الدين الذي انتسب إليه يأمره بالرحمة حتى مع الحيوان.
قال النبي ﷺ:«الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.»
فأين ذهبت تلك الرحمة؟
كيف نُصلي ثم نذبح أخانا بعدها بلا وجل؟
كيف نحمل القرآن في أيدينا ونُخالف كل حرفٍ فيه؟
ما يحدث في السودان ليس حدثًا محليًا، بل علامة على مرضٍ في الأمة كلها حين يذبح الإخوة بعضهم، تكون تلك رسالة قاسية من الله أن نراجع أنفسنا قبل أن نهلك جميعًا.
فلنعد إلى أصلنا الإنساني قبل أن نصبح وحوشًا بملامح بشر ولنتذكر أن من نُزعت من قلبه الرحمة نُزعت عنه رحمة الله.
اللهم طهّر قلوبنا من القسوة، واملأها بالرحمة واللين، ولا تجعلنا من الذين إذا رأوا الدم اعتادوه، وإذا سمعوا الصراخ ناموا.
اللهم رُدّنا إليك ردًّا جميلًا، واهدِ أمتنا إلى سبيل الرحمة والنجاة.