حينما تتحول الثقة إلى فخ
18 أبريل، 2025
بناء الأسرة والمجتمع

بقلم الأستاذة: سيدة حسن
هناك شخصيات نضع فيها ثقتنا دون تردد: كالطبيب الذي نضع أجسادنا و صحتنا بين يديه، المعلم الذي نترك له أبناءنا للتربية والتعليم، ورجل الدين الذي نعتبره مرشدًا للخير والفضيلة ونطلعه علي أدق اسرارنا
مؤخرًا، بدأت تتكشف قصص صادمة، تُظهر أن بعض هؤلاء ونحن هنا لا نعمم
يستغلون تلك الثقة لتحقيق أغراض دنيئة، تحت غطاء المنصب والهيبة. قصص عن تحرش جنسي وانتهاك خصوصيات، والضحية غالبًا ما تكون طفلًا أو امرأة لجأت إليهم بحثًا عن مساعدة وأمان.
لماذا نُصدم؟
لأن المعتدي هنا لا يشبه الصورة النمطية التي نخاف منها. هو ليس غريبا في الشارع، بل شخص نحترمه ونأتمنه. وهذا ما يجعل الاعتداء أكثر إيلامًا، ويجعل التصديق أصعب، ويزرع الشك في كل علاقة قائمة على الثقة.
كيف نحمي أبناءنا وأنفسنا؟
1. نغرس وعيًا مبكرًا:
علّموا أطفالكم أن أجسادهم ملك لهم، وأن لا أحد – مهما كان – يملك الحق في تجاوز حدودها.
2. لا أحد فوق المساءلة:
صفات “شيخ” أو “دكتور” أو “مدرس” لا تمنح أحدا حصانة من الخطأ، ولا تعني أنه دائمًا على صواب.
3. استمع، صدّق، ولا تُشكّك:
كثير من الضحايا يختارون الصمت لأنهم يواجهون عبارات مثل: “مستحيل، ده راجل محترم”. علينا أن نخلق بيئة آمنة تُشجع على الحديث لا الخوف.
4. لا تترك طفلك بمفرده:
خاصة في جلسات مغلقة، أو مع أشخاص لا تعرفهم جيدًا، حتى وإن كانوا “ذوي مكانة”.
ما الذي يجب تغييره في منظومة التعيين؟
المناصب التي تمنح صاحبها سلطة أو قُربًا من الناس، يجب ألا تكون مبنية فقط على المؤهلات العلمية أو الدينية، بل لا بد من:
اختبارات نفسية وسلوكية صارمة ودورية مستمره
متابعة تقييمات الأداء والسلوك من أطراف متعددة (زملاء، أولياء أمور، طلاب…).
وضع آليات واضحة لتقديم الشكاوى بسرية وأمان
توفير تدريب إجباري على مبادئ الأمان النفسي والجسدي والتعامل مع الفئات الحساسة.
الخاتمة:
الثقة ليست أمرًا بسيطًا، بل مسؤولية كبيرة يجب أن نمنحها بحذر. والمكانة الاجتماعية أو الدينية لا تعني الطهارة المطلقة. وعلينا كمجتمع أن نُعيد بناء معايير الاحترام بناءً على الأخلاق الحقيقية، لا الألقاب.
فلنصنع وعيًا يحمينا ويحمي أبناءنا، ويمنع أن تتحول الثقة إلى فخ، والمنصب إلى غطاء لجريمة.