علمٌ قائم بذاته، واشتُهر كثيراً في السنوات الأخيرة، حين وجدت الدراساتُ فيه فوائد كثيرة، وهي وإن كانت مؤقَّتة، لكن مع مداومة الاسترخاء يصبح لها حكم الاستمرار والدوام.
وطرقُ الاسترخاء في الطبِّ النفسي كثيرة، أكثرها مادِّي بحت، ودخل فيها مؤخَّراً طرقُ استرخاءٍ روحانية، لكن للأسف فأكثرها نصراني أو وثني. لكن مالنا ولهم!
نعم نأخذ ما يناسبنا من الاسترخاء المادي، أمَّا الاسترخاءُ الروحي فمن عنده عيون الماء الجارية، لا يسأل السقاة!
إنَّ قراءةَ القرآن والاعتكاف وصلاة الليل الخاشعة والذكر، كلُّها طرقُ استرخاء سنَّها النبيُّ الكريم محمَّد بن عبد الله عليه أزكى سلام وصلاة، وطبَّقها من بعده المسلمون على مرِّ العصور، وهي لا تزال وستبقى صالحةً للتطبيق لكلِّ مسلم ومسلمة.
4- القدرة على ضبط الذات
يتميَّز رمضانُ والصيام عموماً بدرجة من القدرة على ضبط الذات كبيرة، وهناك مدارس نفسيَّة ترى أنَّ الاستقرارَ النفسي يحصل عبر القدرة على ضبط الذات Self discipline.
لكن لماذا يفقد بعضُ الصائمين أعصابَهم في رمضان بيَّنت بعضُ الدراسات أنَّ معدَّلَ التوتُّر والعصبية يزيد في رمضان لدى بعض الصائمين، وهذه النتائجُ متوافقةٌ مع الملاحظات الواقعية المشاهدة. دراسات التوتر والعصبية على الرجال نصفهم مدخِّنون معدَّل التوتُّر والعصبية زاد في رمضان، وخاصَّة في نهاية الشهر, وكانت في المدخِّنين أكثرَ من غير المدخِّنين. زاد معدَّل القلق. زاد معدَّلُ استهلاك القهوة والشاي أيضاً. قد يضهر عند الصائمين تعكُّر المزاج الساعة 4 عصراً. وفي احدث استطلاع على 84 شخصاً: 20 شعروا بتوتُّر وعصبية.
لكن ما السبب؟. ربَّما يعود هذا لعدَّة مسبِّبات، منها: اختلال نظام النوم وتغيُّر العادة ونظام الحياة اليومي: وقد يكون هذا أبرزَ الأسباب، خاصَّة أنَّه مُثبَت علمياً. وقد يؤثِّر في نفسيَّات بعض الناس، ممَّن لم يتمكَّنوا من التأقلم بسرعة كافية.الجوع والعطش الذان يؤدِّيان إلى نقص الغلوكوز في الدم وإلى التجفاف، ممَّا يجعل معدَّل تحمُّل الإنسان للاستثارات الخارجية أضعف.التعوُّد على المنبِّهات كالشاي والقهوة والتدخين: خاصَّة أنَّ إحدى الدراسات أشارت إلى أنَّ التوتُّر والعصبية كانا أكثر لدى المدخِّنين من غير المدخِّنين.
إنَّ رمضانَ قد يكون شاقاً على من لم يُفعِّل القوَّةَ الروحانية، لأنَّ رمضان حينئذ سيكون موسمَ تجويع وحرمان لا غير! فنقصُ الغذاء عن الإنسان يصيبه بالتوتُّر. وإذا لم يدفع هذا بقوَّة روحانية إيمانية تخفِّف عنه وتهدِّئه، فإنَّ النتيجة المتوقَّعة هي التوتُّر والعصبية.
ولما كان هذا التوتُّرُ والعصبية وسرعة الانفعال في رمضان سلوكاً له أصله العضوي الفيزيولوجي، تعاملت معه الشريعةُ بواقعية، وطلبت من الصائم أنَّ يخفِّف منه برفع مستوى القدرة على ضبط الذات، باستخدام كلمات ذات قوَّة تأثير قوية، وهي قول الصائم “إنِّي امرؤ صائم”