نساء في الظل.. بطلات بلا أوسمة

بقلم الأستاذة: سيدة حسن

 

في خضم الحياة وضجيجها، هناك نساء يعملن بصمت، يواصلن الليل بالنهار دون كلل أو ملل. إنهن الأمهات المعيلات، الكادحات اللواتي يشكّلن العمود الفقري للمجتمع، رغم أن الأضواء لا تسلط عليهن، ولا يُحتفى بإنجازاتهن كما يجب. في يوم المرأة العالمي، لا ينبغي أن يقتصر الاحتفاء على الإنجازات الرسمية والجوائز البراقة، بل علينا الالتفات إلى البطلات الحقيقيات، أولئك اللواتي يصنعن الحياة في صمت.

المرأة الكادحة.. نضال لا ينتهي

هي في معركة يومية بلا راحة، تكافح لتأمين لقمة العيش بكرامة. في الأسواق، تقف بائعة الخضار منذ الفجر، تتحدى الشمس والمطر لتطعم أبناءها. في المصانع، تنحني عاملة النسيج لساعات طويلة خلف الماكينة، يدها تعمل وعقلها مشغول بأطفالها في المنزل. وفي البيوت، هناك أمهات يجمعن بين العمل صباحًا، والطهي والتربية والتعليم بعد الظهر، دون راتب أو اعتراف رسمي بجهدهن العظيم.

المرأة المعيلة.. نصف المجتمع وكل المسؤولية

هي الأم والأب، العاملة وربة المنزل، الحنونة والحازمة، السند الذي لا يسقط مهما اشتد الحمل. تعمل في جميع المهن، الرسمية وغير الرسمية، فقط لتوفر حياة كريمة لأطفالها. ورغم هذا الجهد الهائل، نادرًا ما يُذكر اسمها بين المكرَّمين أو يُحتفى بها كما تستحق.

الأم العاملة.. معادلة مستحيلة

المجتمع يريدها ناجحة في كل شيء: أماً مثالية، زوجة مثالية، وموظفة مثالية، دون أن يُمنحها دعم كافٍ أو خيارات عادلة. يوميًا، تواجه معادلة مستحيلة: هل تعمل لساعات طويلة لتؤمن مستقبل أطفالها، أم تكرّس وقتها لهم وتواجه صعوبات الحياة المالية؟
أيًّا كان قرارها، ستجد من ينتقدها.

لماذا تبقى المرأة الكادحة في الظل؟

لأن دورها يُعتبر “مفترضًا”، وتضحياتها تُرى كواجب، ولأن البعض يظن أن العطاء اللامحدود جزء من طبيعتها، لا جهدًا يجب أن يُقدَّر. في يوم المرأة العالمي، لا نحتاج إلى شعارات كبيرة، بل إلى تغييرات حقيقية:

• قوانين تحمي حقوق العاملات في المهن الشاقة.
• دعم الأمهات العاملات بإجازات أمومة عادلة ورعاية أطفال بأسعار مناسبة.
• الاعتراف بالجهود غير المدفوعة للمرأة في المنزل، كمهنة تستحق التقدير وليس مجرد التزام اجتماعي.

المرأة التي تصنع المستحيل كل يوم

هي لا تنتظر يومًا عالميًا ليُقال لها “شكرًا”، لأنها اعتادت أن تسير رغم الجحود، أن تصنع من القليل حياة، وأن تمنح بلا مقابل. لكن في هذا اليوم، أقل ما يمكننا فعله هو أن نُظهر امتناننا، أن نقول لها: “أنتِ لستِ وحدكِ، ونضالكِ ليس عاديًا، بل هو أساس هذه الحياة.”

كل عام وأنتنَّ وطناً حُرًا ومجتمعًا حيًا.

وكما قال نجيب محفوظ:
“من يستهين بقدرات النساء، يجب أن تُعاد طفولته من غير أم.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *