إعداد الشيخ/ خالد عبد الفتاح الشيخ.
فى هذا المقال نتناول سيرة شيخنا العارف بالله تعالى الشيخ سراج الدين البلقيني شيخ الاسلام والعالم الجليل ونروى سيرته من خلال ما كتبه الدكتور مجاهد توفيق الجندي.
ضريحه: بقرية بلقينى مركز المحلة الكبرى محافظة الغربية
نسبه:
هو شيخ الإسلام الحافظ سراج الدين عمر بن رسلان بن نصير بن صالح ابن شهاب الدين عبد الخالق بن عبد الحق بن شاور بن مسافرين محمد البلقيني الكناني الشافعي شيخ الإسلام”
ولد رضى الله عنه ليلة الجمعة ثاني عشر شعبان سنة ٧٢٤ .
وسمى بالبلقيني نسبة إلى قرية ( بلقينا ) احدى قرى المحلة الكبرى معا قلة الغربية بجوار الطريق الزراعي ملمة الحلة في تعاد ملقطة ، وبيت البلقيني هذا بيت علم وفضل برئاسة وكره في العصر المملوكي البحري والجركسي ، وقد قام أفراد هذا البيت بتولي مناصب القضاء والإفتاء والتدريس وقاموا بدور بارز يذكر لهم فيشكر ، وقالوا كلمة الحق ولم يرعبهم بطش السلاطين والأمراء.
حفظ القرآن الكريم وله من العمر ” سبع سنين ” وهي سن صغيرة لم يضارعه فيها إلا أفراد قلائل من مثل العلامة ابن حجر العسقلاني كما حفظ البلقيني المحرر” في الفقه والكافية” في النحو لابن مالك ، ومختصر ابن الحاجب في أصول الفقه والشاطبية في القراءات كل ذلك ببلدته بلقينا.
قدومه إلى القاهرة:
قدم به أبوه إلى القاهرة وعمره اثنتا عشرة سنة فطلب العلم ودرس على علماء عصره من أمثال العلامة الميدومي وغيره بالقاهرة والحافظان “المزي ” و الذهبي ” وذلك بدمشق وقرأ الأصول على شيخه شمس الدين الأصفهاني والنحو علي شيخه “أبي حيان ” وأذن له بالفتوى وهو ابن خمس عشرة سنه وفاق الأقران والزملاء واجتمعت فيه شروط الاجتهاد علي وجهها الصحيح فقيل إنه مجدد القرن التاسع الهجري، وأثني عليه شيوخه وزملاءه وهو شاب وأنهت إليه رئاسة العلم في أقطار الأرض وقصده العلماء والطلاب من كل صوب وأنته الفتاوى من كل ناحية
وأيضا له كتاب فتاوي البلقيني أولها بعد الديباجة، مسائل أفتى فيها سيدنا ومولانا شيخ الإسلام في وقته
وله أيضا كتاب التدريب وصل فيه إلى باب الرضاع ولم يكمله وأكمله بعض تلاميذه سنه ٨٤٧ هـ نسخة من جزأين.
سفره ووظائفه:
تولي عدة وظائف منها إفتاء دار العدل وسافر إلى دمشق سنة 7٩٩ هـ فباشره مدة قصيرة ثم عاد إلى القاهرة وفي سنة ٧٩٢ هـ
سافر الى ” حلب ” بصحبة السلطان برقوق بن أنس العثماني ودرس بها ثم عاد إلى القاهرة مع السلطان وعظم شأنه وصار يجلس في مجلس السلطان بجواره وفوق قضاة القضاة ، وعكف على التدريس والتصنيف وانتفع به عامة الطلبة
تلاميذه:
تتلمذ علي الشيخ سراج الدين أناس لا يحصون كثرة منهم : الحافظ ابن ناصر الله والحافظ ابن حجر العسقلاني الذي قال عنه : خرجت له أربعين حديثاً من أربعين شيخ حدث بها مرارا وقرأت عليه دلائل النبوة فشهد لي بالحفظ في المجلس العام وقرأت عليه دروساً من الروضة وأذن لي وكتب خطة على الإجازة العلمية ومن تلاميذه كذلك الشيخ برهان الدين المحدث الذي قال عنه : رأيته فريد دهره فلم ترعينى أحفظ الفقه ولأحاديث الأحكام منه ولقد حضرت دروسه وهو يقرأ مختصر مسلم القرطبي يتكلم على الحديث الواحد من بكرة النهار إلى قريبا من الظهر وربما أذن الظهر ولم يفرغ من الحديث الواحد واعترفت له جميع الأقطار بالحفظ وكثرة الاستحضار
مدرسته:
أنشأ العلامة سراح الدين البلقيني مدرسة بخط “بين السيارج ” بحي باب الشعرية بالقاهرة والتى خرجت آلاف العلماء ، وجمع فيها كل مريديه ومحبيه من نوابغ الطلاب وأوقف عليها الأوقاف الكثيرة مما تفضل الله بها عليه وتعلم في هذه المدرسة الكثير من طلاب العلم ، ودفن البلقيني بها.
حكي الشيخ ” الكمال الدميري ” أن بعض الأولياء رأي في منامه لما مات البلقيني من قال له ” إن الله تعالي يبعث علي رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة دينها بدأ بعمر وختم بعمر”.
مؤلفاته وحلقته العلمية بالجامع الأزهر:
كان الشيخ الإسلام سراج الدين حلقة كبيرة بالجامع الأزهر في الفقه الشافعي وغيره جنس فيها مريدوه وأتباعه وذلك بالإضافة إلى دروسه بمدرسته المشهورة وله مؤلفات كثيرة مشهورة منها ، شرحان على الترمذي ، وتصحيح المنهاج لكنه مات قبل أن يكمله ، وله بمكتبة الأزهر ( صحيح المنهاج )
أولاده:
تزوج الشيخ سراج الدين بنت العلامة ابن عقيل ولازمته في شبيبته أما أولاده فقد رزق بعدة منهم العلامة شيخ الإسلام علم الدين البلقينى شيخ العلامة جلال الدين السيوطي وجلال الدين عبد الرحمن ، وبدر الدين أبو اليمن محمد الذي مات في العقد الرابع من عمره وله غير ذلك.
إنتقاله إلى جوار ربه:
إنتقل الشيخ سراج الدين بالقاهرة نهار الجمعة حادي عشر من ذي القعدة وصلى عليه ولده جلال الدين ودفن بمدرسته بعد عمر مديد قضاة في خدمة الإسلام وعلومه فعليه سحاب الرحمة والرضوان
وقد رثاه تلميذه ابن حجر العسقلاني وغيره بقصائد طويلة يقول ابن حجر في معالمها
با عین جودي لفقد البحر بالمطر
ودري الدموع ولا تبقي ولا تذري
أقضي نهاري في وهم وفي حزن
وطول ليلي في فكر وفي سهر
وغاص قلبي بحر الهموم أما
تري سقيط دموعي منه كالدير
وكان إنتقاله رضى الله عنه سنة ٨٠٥ هـ عن واحد وثمانين سنة وشهور.