سيدى العارف بالله تعالى الشيخ ابن عطاء الله السكندرى

 

 

إعداد/ الأستاذ عمر عبد العاطى السلامونى

نسبه:

هو سيدى أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن الحسين بن عطاء الله، الجذامى نسبا، المالكى مذهبا، الإسكندرى دارا، القرافي مزارا، الصوفي حقيقة، الشاذلي طريقة.

    كان رجلا صالحا يتكلم على كرسي في الجامع بكلام حسن، وله ذوق ومعرفة بكلام الصوفية وآثار السلف، وله عبارة عذبة لها وقع في القلوب، وكانت له مشاركة في الفضائل

مسيرته وحياته :

كان سيدي ابن عطاء الله السكندري، “فقيها عالما ينكر على الصوفية، ثم جذبته العناية إلى اتباع طريقتهم الرضية، فصحب شيخ الشيوخ أبا العبّاس المرسي، وانتفع به، وفُتِحَ له على يديه بعد أن كان من المنكرين عليه، وسيرته معه.

    وقد “أكبّ ابن عطاء الله على طلب العلوم الدينية من تفسير وحديث وفقه وأصول على الشيخ ناصر الدين بن المنير (ت683ھ-1284م)، كما تلقى علم الكلام والفلسفة على الشيخ شمس الدين الأصفهاني (ت683ھ-1284م)، كذلك برع في علوم اللغة من نحو وبيان، ولما شبّ سار على النهج المعارض للتصوف، فأنكر على أبي العباس المرسي تصوفه، وكان يناقش الصوفية ويعارضهم”.

    وقد جرت بينه وبين أصحاب أبو العباس المرسي قبل صحبته إياه مقاولة، يحكي ذلك في “لطائف المنن”، فيقول: “وكنت أنا لأمره- يعني أبو العباس المرسي- من المنكرين، وعليه من المعترضين، لا لشيء سمعته منه ولا لشيء صحّ نقله حتى جرت بيني مقاولة وبين أصحابه، وذلك قبل صحبتي إياه، وقلت لذلك الرجل: “ليس إلا العلم الظاهر”؛ وهؤلاء القوم يدّعون أمورا عظيمة وظاهر الشرع يأباها…، وكان سبب اجتماعي به أن قلت في نفسي بعد أن جرت المخاصمة بيني وبين ذلك الرجل: “دعني أذهب أنظر إلى هذا الرجل فصاحب الحق له أمارات لا يخفى شأنه، فأتيت إلى مجلسه، فوجدته يتكلم في الأنفاس التي أمر الشارع بها، فقال الأول إسلام، والثاني إيمان، والثالث إحسان. وإن شئت قلت الأول شريعة، والثاني حقيقة، والثالث تحقق…، قال: “وعلمت أن الرجل إنما يغترف من فيض بحر إلهي، ومدد رباني، فأذهب الله ما كان عندي…، وصار رحمه الله تعالى من خواص أصحابه، ولازمه اثني عشر عاما حتى أشرقت أنواره عليه وفُتِح له على يديه ثم استقر في الأزهر يدرّس الفقه والتصوف”.

    وقد قال له مرة شيخه أبو العباس المرسي: “إلزم فو الله لئن لزمت لتكون مفتيا في المذهبين، يريد مذهب أهل الشريعة أهل العلم الظاهر، ومذهب أهل الحقيقة أهل العلم الباطن”.

    ولسيدي ابن عطاء الله السكندري، اليد الطولى في العلوم الظاهرة، والمعارف الباطنة، “إمام في التفسير والحديث والأصول، متبحر في الفقه، وله وعظ يعذب في القلوب، ويحلو في النفوس، وكان قد تدرب بقواعد العقائد الشرعية، وهذبته العلوم، فاستدل بالمنطوق على المفهوم، فساد بذلك العصابة الصوفية، فكان له من الرياسة شرب معلوم، وهو صاحب كتاب: “الحكم” الذي من تأمله قال: “ما هذا منشور، إن هذا إلا لؤلؤ منثور”، كل سطّر منه جنة قد حُفت بالثمار، وأحدقت بأنوار الأزهار، وكل شطر من سطر لو يباع بثمن بخس لاشتري بألف دينار”.

كراماته :

    من كراماته رضي الله عنه، أن “الكمال بن الهمام زار قبره، فقرأ عنده سورة هود حتى وصل إلى قوله تعالى: ﴿فمنهم شقي وسعيد﴾، فأجابه من القبر صوت عال: “يا كمال، ليس فينا شقي. فأوصى بأن يُدفن هناك”.

    ومنها، أن رجلا من تلامذته حج، فرأى الشيخ في المطاف، وخلف المقام، وفي المسعى، وفي عرفة، فلما رجع سأل عن الشيخ: “هل خرج من البلد في غيبته إلى الحج؟” قالوا: “لا”… فدخل إليه وسلم عليه، فقال له: “من رأيت من الرجال؟” قال: “يا سيدي، رأيتك”… فتبسم وقال: “الرجل الكبير يملأ الكون، لو دُعي القطب من جحر لأجاب

إنتقاله إلى جوار ربه :

إنتقل سيدى الشيخ أحمد بن عطاء الله السكندرى رضى الله عنه وأرضاه فى جماد الآخر سنة سبعمائة و تسع من الهجرة ( ٧٠٩ هـ ).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *