مدد يا نبي يا نبي مدد
6 يناير، 2025
شبهات حول قضايا التصوف

بقلم د : سيد مندور ( كاتب وداعيه إسلامى )
“المدد” كلمة مجازية يُراد بها (طلبات وآمال كثيرة من الله) ، عجز العقل عن وصفها ، وعجز اللسان عن التعبير عنها ، فاختار الصوفية لها كلمة (المدد).
انفردوا بها ، وهى من مصطلحاتهم الخاصة .
فإذا سألت أحدهم عن مدلولها ، سيجيبك بمفهوم يختلف عن الآخر .
فتجدها إما طلب لقضاء حاجة مادية أو معنوية .
(مال ، زواج ، شفاء ، بنين ، نجاح ، قرب ووصل بالله ، استغفار ، هداية ، وكثير من المعانى روحية التي يصعب التعبير عنها بمفردات اللغة ، وغيرها).
والدليل على (سلامة عقيدة) الصوفية في دقة اختيارهم كلمة (المدد)..
أنه لم تنسب (كلمة المدد) ومشتقاتها بمعنى (المنح ، والعطاء ، والزيادة، والبركة) في (القرآن الكريم) إلى (مخلوق) على الإطلاق.. وإنما تنسب (لله وحده) ، مثل:
﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ﴾..
﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ .
ووردت (كلمة المدد) في القرآن الكريم متعددة ومتنوعة العطايا ..
منها “المدد المعنوى” الذى لا يدركه عقل إلا (رجل كامل الإيمان) وهو (مدد الْمَلَائِكَةِ)..
﴿ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ﴾ ..
ومنها “المدد الحسي” وهو (الأَمْوَالٍ وَالبَنِونَ، الأَنْعَامٍ، الفَاكِهَةٍ ، اللَحْم الطيب)..
﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ ﴾ .. ﴿ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ﴾ .. ﴿ وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾ ..
فالصوفى يسأل الله أن يمده من عطائه اللامحدود ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّك﴾ ..
أما قولهم : “مدد يا رسول الله” ،”مدد يا حسين” ، “مدد يا ست” ، “مدد يا رفاعى”..
فإن الصوفى يختار من (خيرة الناس)، من يعتقد (بحُسن ظنه) أن الله أكرمهم وأنعم عليهم واصطفاهم بما لم يعطه غيرهم ، وأمدهم بما يريده من الله ، فكما أمدتهم أمددنى، وبكرامتهم عندك أعطنى مثلهم..
فنجده يطلب المدد من الله (بندائهم) وليس (منهم)..!!
لا يقول (مدد من الحسين ، ولا مدد من البدوى)..
والأعجب أنه لا ينسب المدد إليهم (مددك يا شاذلى ، مددك يا نفيسة)..
ولما الإنكار؟!
هل “سيدنا جبريل” هو من وهب “السيدة مريم” ابنها “المسيح عيسى” وهو القائل: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ﴾ ؟!
أم الله هو الوهاب الحقيقي..؟؟!!
وفى قوله تعالي ( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا )
فالرزق هنا مجازى لأن الرازق على الحقيقة هو الله