في ساحة الذكر

بقلم د : سيد مندور ( كاتب وداعيه إسلامى )

بعد انتهاء الصلاة ، وفى يدى سبحتي ، نظر إلى شاب في مقتبل شبابه له لحية خفيفة، وقال لي انت صوفي ؟!

فتعجبت من سؤاله وقلت له: إيه سبب السؤال ؟!

قال: لأنك ماسك سبحة فقلت له: يعنى إيه صوفي ؟!

فنظر الى متعجبا وقال : لأني قرأت على الفيس واليوتيوب وبعض القنوات الفضائية ، أن الصوفية كفر وشرك قلت له: سبحان الله هل تعرف ماذا أقول وأفعل بالسبحة ؟!

قال: بتذكر ربنا

قلت: فتح الله عليك

أذكر وأقول: لا إله إلا الله ، فهل من يقول لا إله إلا الله يكون كافرا أو مشركا ؟!

فنظر إلى طويلا وقال: وهل كان الصحابة يحملون سبحا للذكر ويسبحون بها الله تعالى ؟!

قلت: نعم، ألم تسمع حديث سيدنا رسول الله، وهو يخبر أصحابه عن سماع خطبة الجمعة ويقول: “من مس الحصا فقد لغا.

فما معنى مس الحصا؟

وماذا كانوا يفعلون به إنهم كانوا يسبحون ويذكرون الله تعالى عليه .

فقد علمهم النبي أن هناك عددا في الذكر والتسبيح ، فمثلا بعد الصلاة يسبحون الله ثلاث وثلاثين، ويحمدون الله مثل ذلك، ويكبرون مثل ذلك، أي أن هناك أعدادا للذكر، فكانوا يجمعون الحصا لذلك، فبدلا من الذكر على الحصا تم عمل السبحة، فليس في ذلك شئ من البدع، فهذه السبحة تعينك على الذكر والعبادة.

ثم قال لي: كلمني عن التصوف.

قلت: التصوف له تعريفات كثيرة :

فالتصوف هو : أعلى مراتب الدين فهو ( مقام الإحسان)، أي التخلق بأخلاق الله ورسوله وصفوة عباده المقربين مجاهدة النفس للوصول إلى رياض القدس.

والخروج من الدنيا اختياراً قبل أن تخرج منها اضطرارا .

ومتابعة الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم، في الأقوال والأفعال والأحوال ، شهود الحق في كل شئ ، وقبل كل شئ حتى يصل العبد إلى مقام ( بي يسمع وبي يبصر ) المشار إليه في الحديث القدسي، تحقيق مقام العبودية، أي تكون عبدا لله في جميع حالاتك وليس للعبد أن يخالف مولاه أبدا .

التصوف هو حالة وجدانية يعيشها الإنسان متوجاً قلبه بالصدق والإخلاص لله رب العالمين.

مدوامة الذكر والفكر فهما جناحا الوصول إلى الله.

اللين والرفق في معاملة الخلق لأنهم صنيعة الحق.

إنزال الفرائض إلى القلب قبل إنزالها على الجوارح، لأن كل ما فرضه المحبوب يسعد به القلب التبرؤ من حولك إلى حول الله وقوته أن ترى نفسك أقل الناس في هذا الكون، وجميع الناس أفضل منك حتى لو كنت مقيماً على الطاعات بالليل والنهار.

عمارة الكون وصولاً المقام الخلافة الإلهية ( إني جاعل في الأرض خليفة). التعلق بالله وإخراج كل ما سواه من القلب.

صدق التوجه إلى الله.

النظر إلى أحوال الأكابر في عباداتهم لله، ومحاولة السير على نهجهم. الأدب ومن ليس عنده أدب فقد ضل الطريق.

فقال لى كل هذه التعريفات عن التصوف ؟!

فحقا التصوف هو روح الإسلام، فاسمح لي يا شيخ أن أواصل حديثي معك في لقاء قادم إن شاء الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *