من فضائل المصطفى صلى الله عليه وسلم
12 ديسمبر، 2024
قبس من أنوار النبوة

بقلم فضيلة الشيخ / أحمد السيد شقرة – من علماء الأزهر الشريف
الحمد لله الذي شرَّف قدر سيدنا محمد الرسول الكريم، وخصَّنا بالصَّلاة عليه، وأمرنا بذلك في القرآن الحكيم، ومنَّ علينا باتِّباع هذا النبي الرحيم، وحبَّب إلينا اقتفاء آثاره في القديم والحديث، وخصَّ أهل الصلاة والتسليم عليه بالخصال الجميلة والفضل الجسيم، وجعلهم أَولَى الناس برسوله السيد العظيم، اللهم صلِّ صلاةً كاملةً، وسلِّم سلامًّا تامًّا على سيدنا محمدٍ الذي تنحلُّ به العقد، وتنفرج به الكُرَب، وتُقضى به الحوائج، وتُنال به الرغائب، وحسن الخواتيم، ويُستسقى الغمام بوجهه الكريم، وعلى آله وصحبه في كل لمحة ونفس بعدد كل معلوم لك، وبعد: فقد أكثر الناس من الكتابة والتأليف في فضائل سيدنا رسول الله ﷺ، وإن من جميل ما قرأت في هذا الشأن العظيم قول الشيخ محمد الغزالي عن الصفات النبوية المحمدية التي أهلته للوراثة وإمامة الأنبياء:
“… على أن الإنسانية لم تعرف في ماضيها الطويل –ولن تعرف- رجلًا وقّرَه الأبطال وكرَّمه العظماء، وانطبعت محبته في شغاف القلوب، كما عرف ذلك في النبي الكريم محمد ﷺ.
كان أصحاب الشجاعة في القتال يحبونه؛ لأنه أشجع منهم حين تحمر الحَدَق ويشتد البأس،
وكان أصحاب الحِذْقِ في السياسة والتدبير يحبونه؛ لأنهم يرونه أكثرَ منهم مرونة وأرحبَ أفقًا،وكان الأجواد والأسخياء يرونه وقد ملك واديًا من الإبل والغنم، فما غربت عليه الشمس إلا وهو مِنَحٌ وهدايا للطالبين والراغبين،وكان العُبَّاد يرونه صوامًا،والزهاد يرونه عفيفًا مترفعًا، وأصحاب البيان واللسان يرونه فصيحًا معربًا؛ حتى المعجبون بالقوى المادية كانوا يرونه مصارعًا يهزم العمالقة، وهكذا ما عرف أحدٌ من العظماء ميزةً في نفسه يفخر بها إلا وجد رسول الله ﷺ على خلق أعرق منها وأرقى، ولذلك يرفع إليه بصره مثلما يرفع الناس أبصارهم إلى القمم الشواهق التي لا تنال!
ومع هذا الجلال الفارع، وذلك الامتياز الرائع، فقد كان هذا الرسول الأمين قريبًا بسهولة طبعه من كل فرد؛ فما يعز مناله على أرملة أو مسكين، بل بلغ من اتساع عواطفه وتدفق مشاعره، أن كل فردٍ كان يُحِس في نفسه أنه آثر الناس عند رسول الله ﷺ، وأقربهم إليه، وأعزهم عليه، كالشمس ترسل أشعتها فيستمتع الجميع بها، ويأخذ كل امرئ حظَّه من الدفء والحرارة والمتعة، لا يحس بأن أحدًا يشاركه فيها أو يزاحمه عليها.. كذلك كان محمد ﷺ مع صحابتِه، يأوون من نفسه الكبيرة إلى كنف رحيم”.اه.
– ومن فضائل سيدنا رسول الله ﷺ ما عدَّده سلطان العلماء، الإمام ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪٍ العز بن عبداﻟﺴﻼﻡ اﻟﺴﻠﻤﻲ، وﻣﻨﻬﺎ:
– أﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﺛﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺧُﻠﻘﻪ ﻓﻘﺎﻝ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، ﻭاﺳﺘﻌﻈﺎﻡ اﻟﻌﻈﻤﺎء ﻟﻠﺸﻲء ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﻐﺎﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻈﻤﺔ، ﻓﻤﺎ اﻟﻈﻦ ﺑﺎﺳﺘﻌﻈﺎﻡ ﺃﻋﻈﻢ اﻟﻌﻈﻤﺎء؟
– ﻭﻣﻨﻬﺎ: ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻠﻤﻪ ﺑﺄﻧﻮاﻉ اﻟﻮﺣﻲ، ﻭﻫﻲ ﺛﻼﺛﺔ: ﺃﺣﺪﻫﺎ اﻟﺮﺅﻳﺎ اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ، ﻭاﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻜﻼﻡ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻭاﺳﻄﺔ، ﻭاﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻊ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ.
– ﻭﻣﻨﻬﺎ: ﺃﻥ ﻛﺘﺎﺑﻪ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ- ﻣﺸﺘﻤﻞٌ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﺷﺘﻤﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﻮﺭاﺓ ﻭاﻹﻧﺠﻴﻞ ﻭاﻟﺰﺑﻮﺭ. ﻭﻓﻀﻞ ﺑﺎﻟﻤﻔﺼﻞ.
– ﻭﻣﻨﻬﺎ: ﺃﻥ ﺃﻣﺘَﻪ ﺃﻗﻞِّ عملًا ﻣﻤﻦ ﻗﺒﻠﻬﻢ، ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺃﺟﺮًا؛ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ”.
فاللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
صلوات الله عليه وزاده تسليما
بارك لكم فضيلة الشيخ