لسان الشريعة!

بقلم: أ.د  / محمد إبراهيم العشماوي
أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف

للشريعة معجم خاص بها، ولسان يعبر عنها، لا يفهمه إلا المختصون فيها، والمنتصبون لفهم معانيها، ومن خاض فيه بغير علم؛ أحال الأحكام عن وجهها، فجعل الحرام حلالا، والحلال حراما، ولم يَسْلم من التعيير بالجهل والتقصير، وربما أخطأ بعض هؤلاء في فهم نحو قوله صلى الله عليه وسلم، فيما روته عنه السيدة عائشة رضي الله عنها: “لا صلاة لحائض إلا بخمار”، فظن أن المراد به أن الحائض لا تصح صلاتها إلا إذا اختمرت. أي: لبست الخمار!

وبهذا تكون صلاة الحائض صحيحة، بشرط لبس الخمار، وهو معنى فاسد قطعا، خلاف النص والإجماع والمنقول والمعقول!

وذلك نحو ما حكى الخَطَّابي في (معالم السنن) عن شيخ له، بقي أربعين سنة لا يحلق رأسه قبل صلاة الجمعة؛ لأنه فهم أن هذا هو المراد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في “النهي عن الحلق قبل الصلاة يوم الجمعة”!

فبيَّن له الخطَّابي أن المراد النهي عن الحِلَق – بكسر الحاء وفتح اللام، جمع (حلقة) – يعني التحلق والاجتماع لمذاكرة العلم!

فقال له: فرَّجْتَ عني! وجزَّاه خيرا، وكان من الصالحين!

وإنما المراد بالحائض في حديث عائشة؛ المرأة التي بلغت سن التكليف بالحيض، حتى ولو بلغته بالاحتلام، وعبَّر بالحيض لأنه الغالب!

والمعنى: لا تصح صلاة المرأة البالغة؛ إلا مختمرة!

وقد قيل: إن النصارى كفرت بتصحيف كلمة، أوحى الله إلى عيسى: “أنا وَلَّدْتُكَ” – بتشديد اللام – فخففوها!

الخواطر العشماوية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *