بقلم الأستاذ : مازن أبو الفضل مدرب تنمية بشرية ومهارات
في زمن انسحقت فيه المعاني والقيم وماتت الروحانية نجد بقعة تقع بين آسيا وأفريقيا تضرب الأجراس وتهتف بالعالم فينتبه من غفلته.
بعد عام ونيف من طوفان الأقصى تقف غزة ومحور المقاومة بعزة وإباء أمام الوجود السرطاني المسمى بإسرائيل.
ومن زخم الأحداث تطرح علينا أو في أذهاننا بعض التساؤلات، منها أين العرب من ما يحدث في فلسطين ولماذا اصلا إسرائيل مازلت تحتل الأراضي الفلسطينية ؟
قبل أن نجيب على هذا السؤال سنحكي فصل من حضارتنا العربية، وأقول العربية لأنها حدثت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
في شهر ذي القعدة قدم رجلاً الى مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل ومنعه حقه، بعدها توجه الرجل لكبارات قريش حتى ينصفوه ولكن لم يحقق المجلس العدالة للرجل لمكانة العاص بينهم، فما كان للرجل إلا ان صرخ بمظلوميته وأنشد الأشعار فقام الزبير بن عبد المطلب بالتشاور مع بعض الأشراف وذهبوا للعاص وأخذوا منه حق الزبيدي صاحب التجارة.
ووقتها تم إبرام عهد “حلف الفضول” وهو مجتمع صغير يجمع الأشراف -الذي كان منهم ثلاثة بإسم الفضل- يهدف لإجارة المظلوم ودفع الظلم عنه وحماية البيت العتيق وترسيخ قيم العدالة والتضامن.
ففي وقت نصنفه بإنه “جاهلية” قام الناس بالشرف والشجاعة ليقوموا بهذا الدور الإجتماعي محتجين بالحسن والقبح العقلي، فالظلم قبيح ونصرة المظلوم عدل حتى لو كان الظالم ذو رياسة وحسب كالعاص.
والجميل في هذا الحلف وما خلده في ذاكرة الأمة الإسلامية أن النبي الأكرم قد شهده واستحسنه حتى قال فيه :
“لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أَحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلاَمِ لَأَجَبْتُ”
بلغ من جمال هذا الحلف أن النبي الأعظم استحسنه لما فيه من معاني تمثل الرسالة وتحقق مُراد الله.
نعود للسؤال الذي طرحناه، أين العرب الآن من قضية “فلسطين” ؟
أين شهامة العرب التي كانت في الجاهلية واختفت بعد سايكس بيكو؟
أين النخوة التي تحولت من القيام لنصرة المظلوم الى الندب والشجب وتشويه المقاومة؟
نحن نحتاج الآن في هذا العالم الذي لا يسع الأمم الضعيفة أن ننشيء “حلف فضول” جديد بمقاييس ومعاني اسلاميةوأن نضع قدم قوية في العالم حتى نستحق إسلامنا وحملنا للرسالة الخاتمة
ولا تقل لي لدينا “جامعة الدول العربية” أو منظمات سائلة، هي أروقة من صنع قوى الاستكبار والاستبداد لتفريق الصف ودعم التحرك الأمريكي والبريطاني ولا أرى شيئاً أقرب لحلف الفضول في زماننا هذا إلا محور الممانعة والمقاومة وإنه لمن العيب والعار أن البعض يهاجم هذا الحلف وينصر عليه إسرائيل ومواليها.
فيا أيها العرب ربوا لحاكم وشدوا ظهوركم وأطيعوا وأعدوا لعل الله يستخلفكم فينظر ماذا تفعلون .