ما فائدة خلق الإستطاعة على قوة التحمل لو لم يكن هناك مصاعب ومشاق وكل أشكال التحدى فى هذه الحياة ؟! ..
ثم وممتنع أن تتلذذ بالراحة إلا بعد تعب ، ولا بالطعام إلا بعد مقاساة الجوع ، ولا روعة الإحساس بالنسمة إلا وسط هجير الحر ؛ وكذا وكذا … والحياة هكذا يا صديقى مكابدة ممزوجة بالاستعذاب ! ..
وهذا من لطف الخالق بنا .. فتأمل .
أخى المبتلى :
ردد فى نفسك .. لن أيأس فى هذه الحياة القصيرة حتى يقبضنى الله .
ولأن ظلمة الوجود عند كل ليل ، فضياء الشمس عند كل صباح ، واختلاف الأحزان والأفراح ، وسكون الطبيعة بعد كل اضطراب من شدة العواصف والرياح ، وهدوء الطفل وسكونه عقب كل تململ وصياح ؛ هنا يدرك المتأمل الحق أن رحمته سبحانه هى المقصودة بيقين كامل وانشراح ، وأن آخر الأمر جمال و سلام وسرور و ارتياح .
فعلى رسلك يا أخى ؛ كن صلبا واستمر ، كن صلبا وانتظر ، كن صبورا لتجد السلوى وتتلقى المدد ، ومن يتصبر يصبره الله ، واعلم أن الحياة الدنيا معاناة ممزوجة دوما بالراحة والتبهج ، وأن الجميع يكابد مكابدته الخاصة، وينازع فى مهمته الشاقة ، لست وحدك صدقنى ، يدك فى يدى ، سرى عنى وأسرى عنك ، والحمد لله أن هناك زمن يمر وسنوات تبلى ووجوه تتغير وأحوال تتبدل ، وفى النهاية الجميع خاسر إلا من صدق الله ورسوله ، فأي فوز دون ذلك هو الخسران المبين فافهم! .
تشجع واستعن بالله خالقك وتوكل .
ثم مع دوام إيقانك أنك إلى الله راجع ..
وأن الدنيا محض ابتلاء للجميع دون استثناء ، وأن ما تعانيه أنت يعانيه الجميع أو سيعانوه ؛ لخلصت نفسك وخلصت وفقط لذكر الله والانشغال به ، وتأمل ما خلق وتعظيمه سبحانه ، ولهانت عليك الدنيا وما فيها والله ، ولأخضعت نفسك للاستسلام بحب ورضا ، ولقويت روحك على استيعاب اي بطش مرتقب بقبول وحب وسلام .
هذا هو الإبتلاء يا أخى الغالى ؛ أن تحرم من الأمور فى أوج توقك لها وطلبك ، وتمسكك بها وتشبثك ؛ وعليك إذن بالصبر والاحتساب فى هذه الحياة القصيرة الفانية ؛ التى لا تستحق السخط أو الاعتراض .
هذا هو الجهاد يا أخى ، وإلا ماذا يكون الجهاد فى منظورك ؟! . تصبر وتحمل، واطلب العون والمدد من خالقك الله ، ومع مرور الوقت ستحس ببرد الرضا والإمتثال والشعور بالسلام يغمر صدرك ؛ ثم واطمئن : سيدخلك الله فى رحمته فى الدنيا والآخرة إن شاء الله .
أخى المبتلى :
يامن أسكرتك المصائب والفتن، وأفقدتك الإنتباه لهذا الوهم الكبير المسمى بالحياة الدنيا ..
تماسك يا أخى .. كن صلبا .. كن ذا همة وبأس فالحياة قصيرة يا أخى .. وعلى قصرها تهون كل مصيبة ويبقى العوض فى دار الخلد الأبدية . فالحمد لله على ذلك . وقل اللهم إجعلنا من الصابرين الراضين المحتسبين ولا تفتنا بهذه الدنيا القصيرة الفانية .
الكل سينسى يا أخى ..
والعبرة بالنهاية السعيدة ..
ولو علمت ما ينتظرك من نصر أو تمكين أو أفراح مخبأة فى مراقد الغيب؛
ما عدت تعبأ بهذا الظلام المعبأ بالظلمات الكثيرة! .